المستثمرون الأقدر على استثمار الوضع التنموي المنشود

نيسان ـ

برغم تميز الأردن تنمويا عن العديد من دول الجوار إلا أن هذا ليس الواقع المطلوب والسبب البسيط وهو القدرة على الوصول الى وضع تنموي اقتصادي ورفاه اجتماعي أفضل بكثير حتى بنفس المستثمرين في الوضع القائم.

نظريتي في هذا المقال أن المستثمرين في الوضع القائم هم أقدر الناس على الاستثمار في الوضع المنشود ولكن القصة تكمن في اعتياد الوضع القائم الى درجة محاربة أي محاولة لتغييره.

قلنا سابقا أن الفئات الاجتماعية المستفيدة ورجال الأعمال المستفيدون من الوضع القائم استسهلوا استثماراتهم فيما عفى عليه الدهرتكنولوجيا وفي مختلف القطاعات الاقتصادية.

لا يتخيل أحد مقدار العملة الصعبة المهدورة وفرص العمل الضائعة من عدم استغلال الفرص المتاحة في مجال البيئة والزراعة والطاقة والكهرباء وقطاع الإسكان والمواصلات والبنى التحتية.

إن أصحاب كل قطاع يحاربون التغيير في قطاعهم والذي يدفع الثمن هو المواطن أموالا مهدورة ووقتا ضائعا وفاقة وبطالة ومرضا.

نعود لنؤكد النظرية التي بدأنا بها أن المستثمرين في الوضع القائم هم أقدر الناس على الاستثمار في الوضع المنشود فلو بدأنا بأبسط قطاع ألا وهو قطاع جمع ونقل النفايات. أنا متأكد أن عددا هائلا من المواطنين يعانون من تكدس النفايات في الحاويات حول منازلهم مع أن حل المشكلة بسيط فلو استحدث في كل بلدة أردنية مجمعا بيئيا لفرز النفايات لتخلصنا من قدر هائل من المشكلة....تخيلوا أن عددا من بلدان العالم المتقدم يستوردون النفايات من الدول المجاورة لأن النفايات بحد ذاتها ثروة لو تم فرزها بحيث يعاد تدوير الورق والبلاستيك والمواد المعدنية ويصنع السماد من المواد العضوية.....هل تعلمون أن نصف وزن النفايات المنزلية في الأردن هو مواد عضوية فلو شجعت الحكومة المستثمرين على استحداث مواقع فرز وتدوير النفايات لتخلصنا من نقل النفايات مسافات كبيرة ولساهمنا في تشجيع صناعة السماد العضوي ولمنعنا هدر مصدر هائل من المواد الممكن تدويرها ولا سيما الورق والكرتون والذي يعتبر من المصادر الناضبة عالميا ولاستحدثنا عددا هائلا من الوظائف في هذا القطاع.

أما في قطاع المواصلات فلماذا الاستمرار في استخدام الديزل الملوث الأهم للبيئة ولا سيما في سيارات النقل العام. إن جزءا هاما من دول العالم حتى دول العالم الثالث تستخدم الغاز المسال في وسائط النقل العام. إن تحول مئات آلاف السيارات من استخدام الديزل الى استخدام الغاز سيوفر على الأردن ربما أطنانا من الأدوية التي يستخدمها المواطنون في علاج أمراض الحساسية والربو جراء التلوث الهائل الذي تطلقه عوادم سيارات الديزل .....أليست شركة مصفاة البترول الأردنية هي الأقدر على الاستثمار في التحول من الديزل الى الغاز المسال على الأقل في سيارات النقل العام ابتداء.

نأتي لقطاع الكهرباء لماذا لا تبدأ شركات توليد الكهرباء بتزويد المجمعات الضخمة بالكهرباء عن طريق الخلايا الشمسية أليست شركات توليد الكهرباء هي الأقدر على الاستثمار في الطاقة المتجددة.

وأخيرا حتى لو عومت كل القطاعات الاقتصادية فسنجد المستثمرين في كل قطاع هم الأقدر على تطويره ولكنه استسهال الوضع القائم واعتياده وعدم الرغبة في مجرد التفكير بالتغيير نحو الأفضل والذي يدفع الثمن دائما هو المواطن....أما الحل فهو فرض التطوير بالتشريع والقانون تقديما لمصلحة الوطن والمواطن على المصالح الفئوية الضيقة.