اتصل بنا
 

حسابات الربح والخسارة في الاتفاق النووي

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2015-07-19 الساعة 23:22

نيسان ـ

بعد مفاوضات شاقة استمرت 12عاما و21 شهرا من المفاوضات الماراثونية بين نظام ملالي ايران ومجموعة 5+1 بشأن البرنامج النووي الايراني , وبعد 17 يوما من مفاوضات فينا الاخيرة تم التوصل الى اتفاق بين الطرفين يوم الثلاثاء 14-7-2015 عاما، وهو خطة العمل المشتركة الشاملة بين إيران والسداسية، تلتزم طهران بموجبها بوضع قيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات عنها وخمسة ملاحق , تنظم العلاقة بينهما .
وقد تضمن الاتفاق :
1- رفع العقوبات المفروضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة عن إيران . والإفراج عن أرصدة وأصول إيران المجمدة والمقدرة بمليارات الدولارات.
وكذلك رفع الحظر عن الطيران الإيراني وأيضا عن البنك المركزي والشركات النفطية والعديد من المؤسسات والشخصيات. والتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.
2- فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني طويلة المدى مع استمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة حددت بـ 3.67 في المئة
3- خفض عدد أجهزة الطرد المركزي بمقدار الثلثين إلى 5060 جهاز طرد.
4-التخلص من 98% من اليورانيوم الإيراني المخصب.
5- عدم تصدير الوقود الذري خلال السنوات المقبلة، وعدم بناء مفاعلات تعمل بالمياه الثقيل ، وعدم نقل المعدات من منشأة نووية إلى أخرى لمدة 15 عاما.
6- السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع الايرانية المشتبه بها، ومنها المواقع العسكرية لكن بعد التشاور مع الحكومة الايرانية.
7- الإبقاء على حظر استيراد الأسلحة 5 سنوات إضافية، و8 سنوات للصواريخ البالستية.
8- تحويل مفاعل فوردو وهو المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم إلى مركز لأبحاث الفيزياء والتكنولوجيا النووية.
9- تمتنع إيران عن بناء مفاعلات تعمل بالماء الثقيل، وعدم نقل المعدات من منشأة نووية إلى أخرى لمدة 15 عاما.
10- الاتفاق يسمح بإعادة فرض العقوبات خلال 65 يوما إذا لم تلتزم طهران بالاتفاق.
وستحصل إيران في المقابل على :
1- رفع للعقوبات الدولية المفروضة على إيران بشكل تدريجي بالتزامن مع وفاء طهران بالتزاماتها في الاتفاق النووي. ويعني ذلك استمرار تجميد الأصول الإيرانية في الخارج لمدة 8 سنوات، واستمرار حظر السفر على معظم الأفراد والهيئات التي شاركت في البرنامج النووي لمدة 5 سنوات.
لكن سيتم تقليل هذه الفترات في حالة تأكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي. وسيتم رفع العقوبات نهائيا في حالة الوفاء التام بكافة الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
2- ستتمكن إيران من معاودة تصدير النفط بكامل طاقتها الإنتاجية فور بدء تنفيذ الاتفاق.
3- ينص الاتفاق أيضا على التعاون بين الدول الكبرى وإيران في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.
4 , قال مراسل الجزيرة عيسى الطيبي من فيينا إن الاتفاق يسمح لإيران ببيع إنتاجها من اليورانيوم ومنتجات معمل آراك التي تعمل بالماء الثقيل، وهو ما يجعلها عضوا في نادي الدول التي تتاجر في المنتجات النووية لأغراض سلمية.
وأضاف أن الاتفاق يسمح لإيران بالإبقاء على كل مواقعها النووية ولا يجيز تفكيكها، وهو ما عُدّ تراجعا عما طالبت به بعض الدول الكبرى أثناء المفاوضات.
5. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية -نقلا عما وصفته بملخص الاتفاق- أن "العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سترفع عندما يبدأ تطبيق الاتفاق، والحظر والقيود المفروضة على التعاون الاقتصادي مع إيران سترفع في جميع المجالات بما في ذلك الاستثمار في النفط والغاز". وأضافت أنه سيجري الإفراج عن مليارات الدولارات من أرصدة إيران المجمدة، كما سيرفع الحظر المفروض على الطيران الإيراني منذ ثلاثة عقود، والحظر المفروض على البنك المركزي الإيراني وشركة النفط الوطنية الإيرانية وخطوط الملاحة الإيرانية والكثير من المؤسسات الأخرى والأشخاص.
وأشارت إلى أن "حظر شراء بعض التقنيات والآلات ذات الاستخدام المزدوج سينتهي، ويمكن لإيران أن تحصل على ما تحتاجه من خلال مفوضية مشتركة بينها وبين مجموعة الدول الست".
ردود الافعال :
قال محمد جواد ظريف وزير خارجية الملالي إن الصفقة "ليست مثالية للجميع" لكنها كانت "أفضل إنجاز يمكن التوصل إليه".
وشدد أوباما، الذي حاول إقناع المتشككين في الكونغرس الأمريكي بفوائد الاتفاق، على أنه سيلزم إيران برفع ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي نصبت وخزنها تحت إشراف دولي. والتخلص من 98 في المئة من اليورانيوم المخصب لديها. وقبول عودة العقوبات سريعا إذا حدث اي خرق للاتفاق. وإعطاء وكالة الطاقة الذرية الدولية مدخلا بشكل دائم لتفتيش المواقع " أينما وحيثما كان ذلك ضروريا".
اما الرئيس الروسي بوتينقال ان روسيا ستبذل كل ما في وسعها لتفعيل كامل طاقات الاتفاق النووي مع إيران .
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية نيتنياهو إنه سيبذل قصارى جهده لعرقلة طموحات إيران النووية. وبحسب نتنياهو فإن إيران "ستحصل على الجائزة الكبرى، جائزة حجمها مئات المليارات من الدولارات ستمكنها من مواصلة متابعة عدوانها وإرهابها في المنطقة وفي العالم. هذا خطأ سيء له أبعاد تاريخية". واكد أن إسرائيل لن تكون ملزمة بالاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران وإنها ستدافع عن نفسها.
اما الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قالت ان الاتفاق النووي حدث تاريخي وصفقة جيدة. وأشارت موغيريني إلى أن الاتفاق ينص على سلمية البرنامج النووي الإيراني، وعلى حزمة من التدابير التي تضمن أن لا تسعى إيران إلى إجراء بحوث أو تطوير برامج تمكنها من الحصول على سلاح نووي. واضافت أن نص خطة العمل المشترك الشاملة وملحقاتها الخمسة، ستقدم خلال الأيام القادمة إلى مجلس الأمن من أجل تبنيها.
وصف أمانوريئس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاتفاق بأنه "خطوة مهمة الى الأمام" مشيرا إلى أنه سيسمح للوكالة " للقيام بعملية تقييم للقضايا التي تتعلق بوجود أي أبعاد عسكرية محتملة في البرنامج النووي الإيراني بحلول نهاية عام 2015".
رد فعل المقاومة الايرانية :
وصفت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية الاتفاق النووي بانه تراجع مفروض وخرق للخطوط الحمراء المعلنة من قبل خامنئي الذي ظل يوكد عليها طيلة 12 عاما مضت ومنها خلال الاسابيع الأخيرة مرارا وتكرارا.
وأكدت السيدة رجوي بان الالتفاف على 6 قرارات صادرة عن مجلس الأمن واتفاق دون توقيع لا يحمل الالتزامات الخاصة بمعاهدة دولية رسمية، سوف لن يقطع السبيل بالتاكيد على الملالي لمراوغاتهم وحصولهم على القنبلة الذرية. رغم ذلك فان هذا القدر من التراجع، سوف يقضي على هيمنة خامنئي كما كانت المقاومة الإيرانية قد اكدته من قبل ويضعف الفاشية الدينية ويحدث زلزالا فيها.
ان هذا التراجع الذي سماه المعنيون في النظام بكأس السم النووي، سيؤدى لامحالة إلى تفاقم الصراع على السلطة في قمة النظام وتغيير ميزان القوى الداخلية على حساب الولي الفقيه المنهوك. ان الصراع على السلطة في قمة النظام سوف يستفحل في جميع مستوياته. ومن هذا المنطلق يمكن وصف الاتفاق الحاصل من ناحية المضمون والصياغة بانه اتفاق ” خسارة – خسارة”.
واستذكرت السيدة رجوي حقيقة هي ان المقاومة الإيرانية كانت الجهة الاولى التي كشفت النقاب عن مشاريع النظام ومواقعه واساليبه للاخفاء طيلة ثلاثة عقود مؤكدة : ان رضوخ خامنئي ونظامه لهذا الاتفاق يأتي بسبب الاوضاع المحتقنة للمجتمع الإيراني وللآثار الاستنزافية للعقوبات، فضلا عن مأزق سياسة النظام في المنطقة وكذلك قلقه حيال تشديد الشروط للاتفاق من قبل الكونغرس الأميريكي.
وبالنظر إلى الظروف الهشة للغاية والمتأزمة لنظام الملالي، شددت السيدة رجوي: ان دول 5 +1 لو ابدت صرامة لما كان أمام النظام الإيراني من سبيل سوى التراجع الكامل والتخلي الدائم عن محاولاته ومسعاه من ”جل حيازة القنبلة النووية وعلى وجه التحديد التخلي عن اية عملية للتخصيب والتخلي الكامل عن مشاريعه لصنع القنبلة النووية. والآن يجب على هذه الدول الإلحاح على عدم تدخل هذا النظام في شؤون دول المنطقة وقطع دابره في ارجاء الشرق الاوسط .
النقطة الهامة الآخرى هي ان الأرصدة النقدية التي سوف تتدفق إلى جيوب النظام يجب ان تخضع لمراقبة مشددة من قبل منظمة الأمم المتحدة كي تنفق لسد الحاجات الملحة لدى أبناء الشعب الإيراني خاصة لتسديد الرواتب القليلة المتاخرة للعمال والمعلمين والممرضين والممرضات وتوفير المواد الغذائية والادوية لقاطبة ابناء الشعب الإيراني، ومن غيره سوف ينفق خامنئي هذه الأموال كما كان يفعله سابقا ضمن إطار سياسة تصدير الإرهاب والتطرف الديني إلى سوريا واليمن ولبنان وقبل ذلك سيملأ جيوب جلاوزة قوات الحرس أكثرمن ذي قبل.
راي شخصي :
من الواضح ان نظام الملالي عرف كيف يستفز دول الغرب وخاصة الولايات المتحدة طيلة السنوات الماضية , كما ان الظروف الدولية بعد احتلال العراق واجبار القوات الامريكية على الانسحاب من العراق نهاية 2011 بفعل المقاومة العراقية طيلة السنوات بين 2003 -2011 وايقاع اكبر الخسائر في صفوف تلك القوات في الارواح والمعدات . كما كان للازمة المالية التي عصفت بالغرب , وصعود كل من روسيا والصين الى المسرح الدولي كقوى فاعلة ووقوفها الى جانب ايران , وكذلك نجاحها في التدخل في الدول العربية وانشاء مليشيات طائفية فيها تعمل لصالم المخطط التوسعي لملالي ايران . كلها عوامل ساعدت الملالي على المماطلة والمراوغة في مفاوضاتها مع دول الغرب بحيث اخضعتها للقبول باستمرار المفاوضات . وهذه الظروف المواتية لايران لم تكن مواتية للعراق من قبل , فالغرب بزعامة امريكا " بوش الابن " وقف موقفا معاديا لنظام صدام حسين , اذ كانت الوفود الغربية المكلفة بتفتيش المنشأت العراقية تهدف الى التخريب والتدمير لكل المواقع العلمية , وليس التحري وكشف الحقائق , كما ان الثقة كانت معدومة بين الطرفين , ولا اتوقع ان تتصرف فرق التفتيش التي اعدها امانو لتفتيش منشأت ايران بالعداوة التي تصرف بها المفتشون السابقون مع العراق حسب تصريحات امانو . ولكن رغم التطمينات ستحصل ازمات فنية نظرا لعدم وجود الثقة بين الطرفين ايضا . وفي حال تعاون الملالي مع فرق التفتيش , ستؤكد للعالم ان برنامجها سلمي , وتظهر للعالم ان النظام منسجم مع الغرب وتظهر امام الغرب ان ايران دولة مسالمة .
ولما كان نظام الملالي عازم على انتاج اسلحة نووية فلا اعتقد انه سوف يلغي هذا الهدف , بل سوف يصبر عدة سنوات اخرى حسب الاتفاق , ويستثمر اية فرصة للعودة الى انتاج مستلزمات القنبلة النووية , ولا سيما ان نظام الملالي عمل على انشاء منظمومة متكاملة للصناعة النووية , ويعمل على منضومتين معا , الاولى استخراج اليورانيوم الخام 238المتوفر في ايران بكثره , وتحويله الى يورانيوم مشع 235 , كما انها تنتج البلوتونيوم , وكلاهما يدخلان في صناعة القنبلة النووية . اي انتاج " الكتلة الحرجه " .
والامر الاكثر خطورة هو ان نظام الملالي سيحصل على مليارات الدولارات التي يحتاجها لديمومة توسعه في سوريه والعراق واليمن ولبنان , وهذا لم يعره المفاوضون الغربيون اي اعتبار . وازاء ما يشكله نظام الملالي من خطر على الامن والسلام في المنطقه فان مواجهة اطماع الملالي ومخططهم التوسعي الامبراطوري من مسؤولية دول المنطقة مجتمعين , وعدم الاعتماد على دول الغرب , لانها لا تتصرف الا وفق مصالحها الذاتية , وعليه فلا بد من وقف التمدد الايراني التوسعي في المنطقة وخاصة في سوريه والعراق , وما تراجع وانهزام قوات الحوثي وصالح في اليمن الا مقدمة لقطع اذرع الملالي في سوريه والعراق , ولابد من دعم قوى المعارضة الايرانية وخاصة منظمة مجا هدي خلق التي نالت اعترافا شعبيا ودوليا واسعا في العام المنصرم والحالي.

نيسان ـ نشر في 2015-07-19 الساعة 23:22

الكلمات الأكثر بحثاً