اتصل بنا
 

الاتفاق النووي كيف نتعاطى معه بإيجابية؟

كاتب مختص في شؤون الحركات الاسلامية

نيسان ـ نشر في 2015-07-23

نيسان ـ

تم الاتفاق النووي الإيراني الغربي ولا يزال أغلب العرب والمسلمين حائرين في فهم حقيقة الاتفاق، وهل هو رضوخ غربي لطهران، أم أن إيران تتجمل وتخفي قبولها باشتراطات الشيطان الأكبر والشياطين الصغار؟
وإذا كان الجدال الدائر بين الجادّين والمختصين بالشؤون الإيرانية يتمحور حول حقيقة تفاصيل الاتفاق، والفرق بين النسخة الغربية والإيرانية، ومدى جدية الغرب في تنفيذ آلياته، ومدى إقدام إيران على المناورة في تطبيقه، وهو جدال علمي وموضوعي ويستحق أن يأخذ مداه للوصول لنتائج وتوصيات ورؤى واضحة ومتعددة الخيارات.
فإن هناك أصواتا أخرى يغلب عليها العمالة لإيران تطبل وتزمر للاتفاق بوصفه هزيمة للغرب وأمريكا، وهذه الأصوات معلوم عنها كثرة الإزعاج وقلة المصداقية والموثوقية، فلا نضيع الوقت معهم، لكن ما يستحق الوقوف عنده هو دعوات البعض من الكتّاب المحترمين للانفتاح على إيران وعقد صفقة معها كما فعل الغرب، وألاّ نضيع مزيدا من الوقت!
وهؤلاء ينطلقون من حسابات سياسية صرفة تحذف من قاموسها أي بعد ديني شيعي في السياسة الإيرانية، وهنا مكمن الخلل!
فالشيعة كإيران تنطلق من رؤية دينية شيعية معلنة ويطبقها الملالي بشكل معلن، ثم يراد حذف الدين من المعادلة السياسية، بحجة تعاطي إيران مع الغرب وبحثها عن مصالحها، ووجه الخلل هنا أن إيران لا تتعارض رؤيتها الدينية للغرب مع مصالحها السياسية معه، بل هما منسجمان عبر التاريخ، وإنما كانت مصالحها السياسية مع المسلمين إظهار العداء الإعلامي للغرب، بخلاف عقيدتها بقرب الغرب المسيحي واليهودي لها أكثر من قرب المسلمين السنة!
هذا القرب الذي جسدته الوقائع السياسية على الأرض في تفاهمات عدة في التسلح من إسرائيل ضد العراق، والتحالف مع الأمريكان ضد طالبان ونظام صدام، وعدم مقاومة الأمريكان في العراق، وطلب الدعم الأمريكي ضد داعش في العراق وسوريا، وعدم الرد على هجمات إسرائيل في سوريا، وعدم إدراج حزب الله والحوثيين في قوائم الإرهاب برغم الصدام مع إسرائيل والانقلاب في اليمن، وأمثلة أخرى كثيرة.
في المقابل نجد شلالات دماء مئات الألوف تنزف من المسلمين السنة على أيدى الشيعة والإيرانيين في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان والسعودية، فهل أدركنا الفرق بين قدرة إيران على التفاهم مع الغرب، بينما يصعب ذلك معنا، لأن إيران والشيعة لا يرغبون ببقائنا أصلاً، ويجتهدون في إزالتنا من الوجود، بينما يتفهمون ضرورة التعاون والتكامل مع الغرب!!
إذا استوعب هؤلاء الكتاب هذا البعد الديني الشيعي الطائفي في السياسة الإيرانية أمكن لهم فهم سياسة إيران بشكل سديد، ويكون من الممكن بناء سياسة إيجابية تتعاطى مع إيران واتفاقها النووي بشكل يحقق مصالحنا الحقيقية.
ومن جوانب هذه السياسة الإيجابية تجاه الاتفاق النووي، تخصيص لجان علمية وإعلامية لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق وفضح المخالفات الإيرانية والتهاون الغربي إن حصل أولاً بأول في المحافل الدولية والإعلام العالمي، وبناء لوبي ضغط لهذا الغرض.
العمل على استغلال حالة الانفتاح في إيران لنقد انتهاكات حقوق الإنسان في طهران تجاه المعارضة الإصلاحية والقوميات والعرقيات والطوائف الأخرى، مع الانفتاح العربي الرسمي على بقية المكونات الإيرانية.
والعمل على تعديل القوانين الإيرانية لتتماشى مع المعايير الديمقراطية مما يعرقل السياسات العدوانية في الداخل والخارج والتي تعشقها السلطات الإيرانية.
ربط الموافقة على الاتفاقية والتعاطي عربياً معها بوقف فعلي للسياسات الإيرانية العدوانية ضد الدول العربية والإسلامية.
العمل بجدية على رفع مستوى القدرة العسكرية والتصنيعية تحسبا لأي حماقات إيرانية.
السعي بقوة لتحصين الجبهة الداخلية عبر الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد ورد المظالم واحتواء كافة شرائح المجتمع بعدل وحكمة.
فهل نخرج من دائرة الجدل لدائرة الفعل الإيجابي؟

نيسان ـ نشر في 2015-07-23

الكلمات الأكثر بحثاً