اتصل بنا
 

تداعيات الاتفاق النووي (الغاضبون في طهران و المنفى)

كاتب عربي - آخر سفير للعراق في إيران قبل احتلاله

نيسان ـ نشر في 2015-07-25 الساعة 17:39

نيسان ـ

إذا كانت طهران قد اعلنت على لسان مسؤولي الخارجية عرس الإنتصار النووي ، وان محمد جواد ظريف " هو "البطل االمقدام "، فإن المرشد الاعلى اكتفى بإلقاء موعظة في المثل الاخلاقية ، فيما هتف الرئيس حسن روحاني بأن بلاده ستمضي إلى الأمام بعد أن عد اتفاق فيينا نصرا مؤزرا، يضع نهاية للحصار الإقتصادي، فيما كان ،يختبئ وراء الإحتفاء الرسمي صفحات متنوعة من الغضب داخل البلاد وخارجها :

أولا: مجلس الشورى ؛ اعتبر بعض المتشددين في مجلس الشورى انه تم تقديم الكثير من التنازلات في المفاوضات. لكن ظريف اكد ان المفاوضات الماراثونية لم تكن لتحقق كل مطلب لدى ايران او الغرب. وقال "في كل مباحثات هناك تبادل اراء وكل جانب يتخلى عن قسم من مطالبه لتحقيق الشق الاهم الى حين الوصول الى ما هو متوازن". لكن في خطوة يمكن ان تؤخر مصادقة مجلس الشورى على الاتفاق، فقد صوت النواب على تعيين لجنة مؤلفة من 15 عضوا تتولى تقييم نص اتفاق فيينا.

ثانيا : الحرس الثوري ؛

1ـ وفقا لوكالة أنباء فارس ، عبر القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، عن قلقه حيال حصيلة المفاوضات النووية ومسودة قرار مجلس الأمن، معربا عن أمله بإزالتها،.. وقال جعفري، في تصريح أدلى به على هامش إقامة مراسم صلاة عيد الفطر يوم السبت 19 تموز2015 ، إنه ينبغي النظر في الوقت ذاته عما ستؤول إليه النتائج على الصعيد العملي. وذكر أنه تباحث مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي حول هذا الموضوع، لا سيما حول مسودة قرار مجلس الأمن.

2ـ أبدى قادة الحرس الثوري الايراني أبدى غضبهم على مصادقة الوفد الإيراني على الاتفاق؛ وقالوا حسب وكالة تسنيم الايرانية انه ما كان يجب التفاوض على مستقبل الصواريخ البالستية ، فضلا عن القيود التي فرضتها وثيقة فيينا ؛ في حال خالفت ايران ايا من التزاماتها، فسيكون بوسع المجلس عندها اعادة فرض كامل مجموعة العقوبات بشكل شبه تلقائي. ويكفي ان ترفع احدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والتي تملك حق الفيتو فيه، قرارا ينص على ان العقوبات تبقى مرفوعة ثم ان تضع فيتو على هذا القرار نفسه حتى تفرض العقوبات مجددا.

وهذه الالية الاولى من نوعها والتي توصف بـ( العودة الى الوضع السابق) ستبقى سارية طوال مدة الاتفاق اي عشر سنوات غير ان الدول الكبرى اعلنت منذ الان نيتها تمديدها لخمس سنوات اضافية بموجب قرار جديد لتبقى سيفا مسلطا على ايران لمدة 15 عاما بالاجمال.

ثالثا: صحافة التيار المحافظ ؛ لم تجد في ينود الاتفاق ماتحتفي به فقد وجهت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد الإيراني، في افتتاحيتها ، نقدا قاسيا ركز فيه الكاتب محمد إيماني على النقاط التالية ؛

1ـ أن "الشعب لم ير اتفاقا وأن السياسيين الذين أقاموا الاحتفالات خلال عامين بمناسبة اتفاقي جنيف ولوزان تبين أنهم كانوا مخطئين".

2ـ إن ثقة حكومة روحاني بالجانب الأمريكي لامحل لها ؛ فقبل 63 عاما ذهب مصدق إلى نيويورك وتباحث مع الرئيس الأمريكي ليسد الطريق أمام الاطماع البريطانية، ولم تكن امريكا منبوذة كما هي اليوم، ولكنها مع ذلك خانت مصدق ودعمت انقلابا ضده بالاتفاق مع الانجليز".

الولايات المتحدة معروفة بعدم تنفيذ وعودها بالإفراج عن أرصدة إيران مقابل الإفراج عن دبلوماسييها الرهائن في السفارة الأمريكية بطهران عام 1980.

4ـ أن حكومة إيران الإصلاحية في عهد محمد خاتمي ساعدت أمريكا على الإطاحة بطالبان في أفغانستان ولكن بالمقابل وضعت واشنطن طهران في محور الشر.

5ـ تفرض مقاربات عديدة بشأن الاتفاق الاخير مع واشنطن والغرب ، أن يستعيد المتابع مرئيات مفاوضات سابقة جرت مع العراق وليبيا والاتحاد السوفيتي السابق والصين وروسيا فكل تلك المفاوضات لم تمنع الخيانة والغدر الامريكي ضد الدول التي فاوضتها".

لم تنفرد صحيفة " كيهان" لوحدها بإعلان غضبها من إتفاق فيينا ، فقد انضمت إليها صحيفة (ساست) التي ترى بأن هناك معنى واحد يؤكده اتقاق 14 تموز وهو أن إيران لن يكون لها سوى برنامج نووي اصغر بكثير من حيث قدرته على إنشاء وقود نووي، وربما المكونات المطلوبة لصناعة قنبلة، كما أن إيران ستبقى مقيدة باستخدام معداتها الاقدم والابطأ والاقل كفاءة لسنوات مديدة، ولذلك فإن إتقاق فيينا أخذ من إيران أكثر مما أعطاها ـ

رابعا: ووكالة "رجا نيوز"الايرانية ؛ وجهت بدورها إنتقادا شديدا لنتائج المفاوضات وما اسفرعنه من إتفاق وأبدت تحفظها على القضايا التالية :

1ـ أن ورقة الحقائق (Fact Sheet) للجانب الإيراني في المفاوضات مع مجموعة الـ5+1 تختلف عن ورقة الحقائق الأمريكية،

2ـ أن إطار الاتفاق الشامل الذي تم وفق اتفاق لوزان في 2 أبريل 2015 يعد خسارة لإيران.

3ـ اتهام الوكالة الفريق النووي المفاوض بـ"تجاوز الخطوط الحمر التي رسمها المرشد الأعلى علي خامنئي" و"تقديم تنازلات مقابل مكاسب متواضعة ".

4ـ تتمثل "الخسائر الإيرانية في أن العقوبات الأمريكية سيتم تعليقها وليس إلغاؤها وستبقى إيران على 5600 جهاز طرد مركزي فقط وانخفاض اليورانيوم من 7 أطنان إلى 300 كيلو، ومنع إيران من الأبحاث النووية لمدة 15 عاما".

خامسا : موقف المعارضة في المنفى : وصفت مريم رجوي، زعيمة المعارضة الإيرانية ، التوافق بين إيران والدول الكبرى بـ"السم النووي" الذي تجرع كأسه خامنئي، في اقتباس لما جاء على لسان آية الله خميني عام 1988، حين وصف قبول قرار وقف إطلاق النار خلال الحرب العراقية ــــ الإيرانية بمثابة "تجرع كأس السم".!!

وقد ركزت رجوي هجوما عنيفا على النظام الايراني وفق مرئياتها التالية :

1ـ التفاف إيران على 6 قرارات صادرة عن مجلس الأمن وحصول اتفاق دون توقيع، "يترك السبيل أمام النظام الإيراني للمراوغة ولا يقطع الطريق عليه للحصول على القنبلة النووية".

2ـ الاتفاق النووي يعتبر تراجعا مفروضا وخرقا للخطوط الحمراء المعلنة من قبل خامنئي، الذي ظل يؤكد عليها طيلة 12 عاما مضت، رغم جميع النواقص الموجودة في هذا الاتفاق والتنازلات غير المبررة التي قدمت لطهران.

3ـ سيفضي تراجع خامنئي لا محالة إلى تفاقم الصراع على السلطة في قمة النظام الإيراني، وتغيير ميزان القوى الداخلية على حساب الولي الفقيه.

4ـ بكون المقاومة الإيرانية الجهة الأولى السباقة في كشف النقاب عن مشاريع النظام النووية ومواقعه وأساليبه في إخفاء برنامجه النووي طيلة ثلاثة عقود، فإن رضوخ خامنئي ونظامه لهذا الاتفاق، يأتي بسبب الأوضاع المتفجرة في المجتمع الإيراني والآثار المستنزفة للعقوبات، فضلا عن مأزق سياسة النظام في المنطقة وقلقه حيال تشديد شروط الاتفاق من قبل الكونغرس الأمريكي.

5ـ "الآن يجب على هذه الدول الإلحاح على عدم تدخل هذا النظام في شؤون دول المنطقة، وقطع دابره في أرجاء الشرق الأوسط، وإدخال هذه الضرورة في أي اتفاق يبرم كأحد المبادئ الأساسية".

6ـ ضرورة إخضاع السيولة النقدية التي سوف تتدفق إلى جيوب النظام الإيراني لمراقبة مشددة من قبل الأمم المتحدة كي تنفق لسد الحاجات الملحة لدى أبناء الشعب الإيراني.

سادسا: الملاحظات الختامية :

1ـ لم يعد بوسع السيد علي خامنئي من خيار سوى أن يكون ذرائعيا ، والتسليم بالامر الواقع بعد أن دفع الشعب الإيراني ثمنا باهضا جراء معاناته المعيشية ، وقد اصبح طوال السنوات الـــ 12 الفائتة هو الضحية الاولى للبرنامج النووي الذي بلغت تكاليفه مئات المليارات من الدولارات، من أجل ضمان بقاء النظام الإيراني في سدة الحكم فقط، بينما يعيش الغالبية العظمى من الشعب تحت عتبة فقر"، فالمرشد الاعلى هو وحده من ابتدع الـــ“خطوط الحمر”، “واشرف بنفسه على المفاوضات من المبتدأ إلى المنتهى . ولذلك حملت المعارضة المرشد الاعلى المسؤولية الكاملة عن كل الاذى الذي ألحقته السنوات الشداد بعد أن أطاحت بالطبقة الوسطى في المجتمع واوصلت البلاد إلى حافة الجحيم ـ

2ـ قد يفضي الغضب المعلن والمكبوت إلى تنشيط المعارضة وإلى تجديد الحراك السياسي المناهض لسلطة الولي الفقيه

المراجع

[1] مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية ـ تقرير واجه الصحافة العربية والفارسية

(11 ـ 16 تموز 2015)

[2] خامنئي يغلب مصلحة إيران على كراهيته للولايات المتحدة14 تموز 2015

الرابط الشبكي: http://www.alquds.co.uk/?p=372277

[3] صحيفة كيهان ـ عدد 15 تموز 2015

[4] صحيفة آفتاب يزد"15 تموز 2015

[5] صحيفة الزمان اللندنية 20 تموز 2015

[6] صحيفة الوطن الكويتية 22 /7 /2015

[7] عبيدة عامر ـ قائد الحرس الثوري يعرب عن قلقه حيال اتفاق |"النووي"ــ وجهات نظر 21/7/2015

نيسان ـ نشر في 2015-07-25 الساعة 17:39

الكلمات الأكثر بحثاً