اتصل بنا
 

الكاتب المتوحش

كاتب صحافي وأكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2020-01-09 الساعة 20:52

نيسان ـ الأدب العربي في العادة ان يعلي من شأن الكاتب بوصفه منتجا للمعرفة ومسيطرا عليها، ولذا كان هو بؤرة الاهتمام وموضوع التميز والإبداع، وكان المتلقي (القارئ) بلا أهمية، بل تنبع أهميته من مدى تعاطيه مع النص الذي أنتجه الكاتب.
من ناحية أخرى فإن الكتابة بدأت أحد منتجات السلطة، فقد بدأ التدوين من الداووين الرسمية للدولة، فكان الكاتب أداة السلطة للتأثير في المتلقي (الشعب)، ليبقى النص أداة لتحقيق الطاعة، ولجم التمرد.
الكاتب اليوم في غياب سلطة النص تحول إلى أداة إرسال دون امتلاك القوة لجلب المتلقي، مما يعني ان القارئ قد تحرر من سيادة الكتابة، وأصبح قادرا على رفض تذوقها او الإعجاب بها.
الكاتب اليوم يبدو متوحشا حين يشعر ان ما يكتبه لا يجد صدى لدى المتلقي، ويلوم غباءه وعدم قدرته على الفهم، فهو لا يرى اي خلل بما يكتب، ولا يرى عيبا في أفكاره، بل كل الخلل والعيب في المتلقي الذي لا يفهم ما يقول، ولا يتذوق ما يكتب.
هل تجدون اليوم كاتبا يشك في ذاته؟ وهل تجدون كاتبا يبرر للقارئ ملله مما يكتب، ورفضه لما يقول؟ وهل نجد كاتبا يحرر المتلقي من سلطة النص لصالح حرية الرفض وتجاهل المكتوب لانه لا يراه مهما؟
الكاتب المتوحش يريد أن نقرأ كل عيوبه المسفوحة حبرا على الورق دون أن يشعر بأننا ضحايا نضيع وقتنا دون ضمير.
وهذا ما زال ديدن الكتاب والشعراء في الأدب العربي، منذ قال المتنبي:
أنام ملء جفوني عن شواردها.... ويسهر القوم جراها ويختصم

نيسان ـ نشر في 2020-01-09 الساعة 20:52


رأي: د. يوسف ربابعة كاتب صحافي وأكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً