اتصل بنا
 

سن الأمل والثقافة اليائسة

كاتب

نيسان ـ نشر في 2020-03-04 الساعة 23:18

نيسان ـ لفتتني احدى الفتيات صدفة، بمداخلة في ندوة عن فترة توقف الحيض(الطمث) في سن الاربعين او بعده او قبله عند المرأة، كانت تتحدث عن هذا السن بشيء من القلق والحزن وكأن اليأس يبدو عليها في تلك اللحظة، وتسميه :سن اليأس! باعتقادها انها ستعيش بائسة بعد الاربعين! ان حديثها بجد ذاته يدعوا لليأس، ولا ننسى ان الكثير يسموه غالبا "سن اليأس"! يا لها من تسمية مؤلمة ومجحفة بحق النساء.
وفي الواقع، فان انقطاع الطمث عند المراة في سن الاربعين او اكثر، شيء طبيعي وبيولوجي وضرورة كونية لانقطاع الحيض وتوقف الحمل، وفترة عمرية انتقالية كفترة البلوغ وكأي مرحلة بيولوجية تتخللها أعراض نفسية وبيولوجية مؤقتة تجهلها كثير من النساء وشركائهن.
ان الثقافة التي تسمي هذه المرحلة "سن اليأس" هي ثقافة بالية ومشوهة؛ فهذا المفهوم بالأصل مفهوم سياسي طبقي أبوي عبودي منذ آلاف السنين، باعتبار المرأة أداة أو ماكنة للانجاب وتحدد قيمتها ومكانتها الاجتماعية بهذه الوظيفة، وان توقفت عنها، فانها تدفن اجتماعيا واقتصاديا وأدبيا، فبذلك هو مفهوم عبودي بحت.
وللأسف أن تجد هذا المفهوم عند المثقفين، و هذا ليس غريبا، فغالبية المثقفين يطغى عليهم الفكر و الثقافة الذكورية، بل أن أحد الشعراء يقول :الفتاة للزواج والولد للعمل..ويتكرر المصطلح على لسان الكثير من اعلاميين ومثقفين ومثقفات مع ايمائات يائسة عند ذكره!
وكون المفهوم ثقافي، أي نابع من الثقافة بمفاهيمها التي يقررها و يحددها المجتمع و يعطي معانيها للأشياء والأشخاص، فيختلف فهم المصطلح وتقبله من ثقافة لثقافة أخرى، سوى في دولة ما او في العالم، فلا يعقل أن تتقمص فتاة او امرأة هذا المفهوم وتصبح يائسة لنهاية عمرها او ان المجتمع لا يحترمها بعد هذا السن او لا تكون منتجة لمجرد توقف الدورة والحمل!! او ان تسقط على نفسها معاني الخمول والبؤس والشيخوخة وتتمثلها.
ان أنشط وأجمل النساء تجدهم بعد هذا السن، تجدهم في قمة التألق والحيوية والنضج والانتاج، وان الرشاقة والحماس والشباب ليس له عمر.
هناك ثقافات تحتفل بهذا السن كالاسيويات، تعتبره وقت التحرر من الحمل، وربما الاميركية تقلق منه كون الثقافة الرأسمالية الاميركية هي بالأصل ذكورية وتعطي للمفهوم المعنى السلبي الذي تنظر له المراة بعيونها، والافريقية لها منظورها الحركي للمفهوم كذلك، فالمفهوم يعتمد على ثقافة المجتمع والمرأة والرجل ونظرتهم لهذه المرحلة كمرحلة انتقالية طبيعية بيولوجية دون اعطائها اي معنى سلبي.
لا وجود لمصطلح "سن اليأس" سوى في عقول يائسة بائسة ويابسة، ولا يوجد لليأس عمر ولا جنس ولا عرق، فربما يكون شعور في لحظة ما، يصيب أي انسان ذكرا او وانثى، لسبب بيولوجي او غير بيولوجي، فسن انقطاع الطمث او الحيض هو سن النشاط والتجدد والتألق والحيوية والحب والألق وجميع معاني الجمال، هو سن الأمل، والأمل باق بقاء الإنسان.. إن المرأة كائن جميل في كل مراحلها وحالاتها ويكتمل جمالها برجل يقدر ذلك.

نيسان ـ نشر في 2020-03-04 الساعة 23:18


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً