اتصل بنا
 

الأحكام العرفية في مواجهة تبعات كورونا.. لم لا ؟!

محامي واكاديمي

نيسان ـ نشر في 2020-04-04 الساعة 16:18

نيسان ـ لم يكن يخطر ببالي وأنا المدافع عن منظومة حقوق الإنسان وضمانات المتهم أن أدعو إلى تبني قواعد وأحكام عرفية لمواجهة آثارما بعد وباء الكورنا المستجد .
لكن يبدو أن توقيت هذا الوباء جاء بوقت غير متوقع، وضمن ظروف اقتصادية سيئة متراكمة منذ سنوات، وأصر هذا الوباء على أن يفرض نفسه بقوة عالميا وداخليا .
لم تتوقع البشرية أنها ستواجه خطرا بهذا الشكل؛ سيما وأن أنظار العالم وغرور البشر وصل إلى حد العوالم الافتراضية، وأصبحت تلك العوالم الافتراضية محل أنظار وعمل وازدهار، جعلت من اقتصاديات العالم كلها تحول نحو تلك العوالم الالكترونية، ومهما عظمنا وسجلنا لها من انجازات إلا أن فيروس صغير الحجم أثبت أنه لا يمكن للبشر إخراج الإنسانية من ضميرهم .
داخليا قامت الحكومة منذ تاريخ 18/3/2020 بمواجهة هذا الوباء وصدرت الإرادة الملكية السامية بتفعيل قانون الدفاع لمواجهة آثار وتبعات هذا الوباء وإعطاء الحكومة فرصة بإصدار أوامر دفاع لمساعدتها في تسيير الأعمال وضمان المواجهة لهذا الوباء.
لقد كرست الحكومة الأردنية كامل ميزانيتها ومواردها في سبيل الحفاظ على أمن وصحة وسلامة المواطن الأردني، ولم يقتصر الدور على الحكومة بل ساهمت القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية بهذا الجهد .
ويبدو أن مسيرة محاربة هذا الوباء ليست قصيرة، وإن استطعنا المواجهة والقضاء عليه محليا إلا أنه وللحفاظ على هذا الجهد يتطلب من الحكومة أن تستمر في إغلاق الحدود وأن تستمر في إغلاق المطاعم والمقاهي وأماكن التجمعات مما يعني توقفا كبيرا في العجلة الاقتصادية وتأثيرا كبيرا على موارد الحكومة نتيجة خسران حصة كبيرة من قطاعات متعددة .
أن فقدان السيولة النقدية سيؤثر حتما على المستوى المعيشي للمواطن وعلى الاقتصاد بشكل عام ، ولا يخفى على احد أن أثار هذه التبعات الاجتماعية ستكون وخيمة على شريحة كبيرة من الناس .
والسؤال الذي يُطرح؛ هل قانون الدفاع قادر على التصدي لآثار هذه الأزمة محليا والحفاظ على ثوابت الاقتصاد الأردني وحماية الوحدة الوطنية ؟
برأيي الشخصي، قانون الدفاع قادر على مواجهة الوباء واتخاذ اجراءات وقتية، ولا يمكن لهذه الإجراءات أن تستمر طويلا، فضلا عن أن قانون الدفاع ومن حيث المبدأ لا يعطل عمل القوانين إلا بحدود أمر الدفاع؛ فمثلا نحن كنا ننتظر حل مجلس النواب واستقالة الحكومة وتشكيل حومة جديدة لإجراء الانتخابات في عام 2020 وهذا ما أشار إليه صاحب الجلالة، واليوم لا اظن الوقت متاحا لمثل تلك الانتخابات للخروج من الأزمة الدستورية وحل المجلس وإعطاء الحكومة مزيدا من الصلاحيات وإعادة ترتيب الآثار الاقتصادية وإعادة العجلة الاقتصادية؛ بل أعتقد أنه لا بد من تفعيل نص المادة 125 من الدستور.

ففي حالة حدوث طوارئ خطيرة يعتبر معها أن التدابير والإجراءات بمقتضى المادة السابقة من هذا الدستور غير كافية للدفاع عن المملكة، فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء أن يعلن بإرادة ملكية الأحكام العرفية في جميع أنحاء المملكة أو في أي جزء منها .
وعند إعلان الأحكام العرفية، للملك أن يصدر بمقتضى إرادة ملكية أية تعليمات قد تقضي الضرورة بها لأغراض الدفاع عن المملكة بقطع النظر عن أحكام أي قانون معمول به ويظل جميع الأشخاص القائمين بتنفيذ تلك التعليمات عرضة للمسؤولية القانونية التي تترتب على أعمالهم إزاء أحكام القوانين إلى أن يعفو من تلك المسؤولية بقانون خاص يوضع لهذه الغاية.
أعلم يقينا أن الأحكام العرفية هي أحكام تمس الحقوق والحريات العامة وأعلم أن تطبيقها اذا لم يحسن أستخدامها يعني فشلا كبيرا في منظومة الحقوق والحريات العامة؛ لكن أرى أن التبعات الاقتصادية التي ستعاني منها الدول في العالم نتيجة التوقف ستكون كبيرة، وسيلحق ذلك أذى كبير في المنظومة الاجتماعية وستؤثرعلى سلامة وأمن المواطن بشكل مباشر أوغير مباشر .
إن إجراءات ضبط السوق، إجراءات ضبط العمل والعمال، إجراءات المنافسة والمنافسة غير المشروعة وحرية التجارة والاحتكار كلها تحتاج الى إجراءات سريعة.
وإن التكافل الاجتماعي وإجراءات ضبط الموارد وإدارة الموارد تحتاج إلى تدخل سريع ، وإن مكافحة الفساد في زمن الأزمات يحتاج إلى جهد وعقوبات رادعة.
إن تواجد القوات المسلحة في فرض الامن وهيبة الدولة ومساهمتها في هذا الجهد يحتاج الى تفعيل قانوني لممارسة اعمالها واستمرار وأدمة تواجدها بما يحقق من منظومة الامن بكافة انواعه .
حمى الله الاردن قيادة وشعبا .

نيسان ـ نشر في 2020-04-04 الساعة 16:18


رأي: د.صخر الخصاونة محامي واكاديمي

الكلمات الأكثر بحثاً