اتصل بنا
 

أمجد العضايلة..يا 'بخت' عودة وعايشة

نيسان ـ نشر في 2020-04-06 الساعة 22:45

x
نيسان ـ فاطمة العفيشات
في زحوم تفتحت عينا الفتى على سر الكرك وهيبتها، ومن هناك مضى يعد نفسه بهدوء، وفي روحه شيء من قلعة "فولك الخامس" التي استولى عليها صلاح الدين في معركة حطين، ثم عمدها الشهيد العقيد سائد المعايطة عنواناً كركياً للمجد والوئام.
نحن نتحدث وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة الذي ودّع الكرك شاباً يافعاً؛ عقب أن أتم المرحلة الثانوية فيها، متجهاً إلى العراق ثم إلى جامعة اليرموك لدراسة الصحافة والإعلام.
من البواية الشرقية للكرك، وتحديداً من الزاوية الحادة لأقرب كسر عشري للقلعة ولوعروتها وأنفتها، انطلق الشاب الكركي صوب حلمه، متسلحاً بأخلاق الفرسان وطبائعهم، بعد أن ارتوى من قسوة الحياة، كما تشبع من رائحة شيحها وقيصومها.
ولد أمجد العضايلة في الأول من حزيران عام 1962 , في قرية زحوم بمحافظة الكرك , فكان الإبن الأوسط بين سبعة أشقاء وخمس شقيقات، لأبٍ مزارع عُرف بحكمته وصبره وبساطته، وأم قروية فلاحة عرفت ببركتها وطيبة نفسها في محيط ظل يلهج عند كل منعطف في حياته بـ"يا حظ عودة وعايشة".
"حظ عودة وعاشية"، هو "باسسورد" كركي، آمن بأن في روح عائشة، "أم أمجد" شيئاً من البركة وطيبة النفس وهدوئها، وسط مجتمع لا يزال يحفظ تفاصيل كثيرة عن توزيع الحليب واللبن والجميد الكركي لعوائل زحوم الكثيرة.
عائشة التي نذرت نفسها للأرض ولزوجها والأولاد، من دون أن تسهو للحظة عن جيرانها وأهلها، فغدت مع الأيام "أيقونة" الحظ والقناعة، ألحت في دعائها بأن يحبب الله الناس في أبنائها، فالحب بالنسبة لها عتبة النجاح وسنامه.

دراسته ونشأته
درس العضايلة المرحلة الإبتدائية في مدرسة "زحوم" ثم انتقل لمدرسة " أدر" في المرحلة الأساسية وحتى الثانوية، وكان عليه أن يسير مسافة تقدر بـ4 كيلومتر صبحا ومساء ليصل مدرسته، وسط ضحكات طفولية لا تزال ترن في أذنه كلما اشتدت عليه ظروف الحياة وكشرت عن أنيابها .
لم تكن طفولة العضايلة مترفة, بل على العكس تماماً، كانت مترعة بالكد والتعب، إلى جانب أشقائه وشقيقاته، فبعد العودة من المدرسة وانهاء الواجبات المدرسية, تبدأ دورة حياة جديدة، عنوانها الأرض و"الحلال"، وفي العطل الصيفية, كانوا يلاحقون "الحصادات" ويملأون "الشوالات" بالقمح والشعير. المهمة أكثر من صعبة.
في القرية الناس تتشابه, هناك الكثير من البساطة، وهناك الكثير من الإصرار على مواجهة سلسلة من تحديات لا تنتهي، لكنهم متساوون أيضاً في طباعهم وتواضعهم، بل حتى في حبات عرقهم.
أحب أمجد الطالب المجتهد معلميه, وأحب مادة اللغة العربية، كان من جيل لا يفرقون بين هيبة الآباء ورزانة المعلمين، ولا سيما القادمين من الضفة الغربية، هي مهمة تكفّل بها أهل القرية الذين نسجوا قصصاً من حب بينهم وبين الأساتذة المغتربين، انعكست على علاقة المعلم بتلاميذ نبتوا ورودا ووزراء من بين الصوان.
انهى العضايلة مرحلة الدراسة الثانوية في المساق الأدبي، قبل أن يرتحل إلى بغداد لإكمال دراسته الجامعية، لكن "الحظ" أعاده إلى عمان بعد يومين من السفر، حيث حصل على منحة لدراسة الآداب في جامعة اليرموك.
بدأ أمجد دراسته بكلية الآداب , حتى ظهرت ميوله لمواد الصحافة والإعلام التي أضافها لتخصص اللغة العربية, قبل أن ينتقل بشكل كامل للصحافة والإعلام في السنة الأولى.
في رحلته الجامعية بين المحافظات عاش برفقة زملائه في سكن الطلبة, وبمهارات "الأعزب" وتقسيمات الزملاء، فكانت مهمة العضايلة في السكن إعداد الطعام لزملائه، فيما يتكفل الآخرون بالجلي وترتيب الشقة.
تخرج العضايلة عام 1984 في جامعة اليرموك تخصص "صحافة وإعلام", ثم كان عليه أن يلتحق بخدمة العلم لعامين كاملين؛ ليعود عقبها مكتظاً بالأردن، وبتجارب لا تمحى، تجارب صاغتها الحياة العسكرية بقسوة خالطها الحب وشقاوة الشباب.

صحيفة الرأي
لعل ما زاد إصرار العضايلة على التوجه للصحافة, هو اهتمامه بمتابعة جريدة الرأي, اما الإنضمام لأسرة الصحيفة فهي شجرة أحلام العضايلة التي نمت وكبرت طيلة مدة دراسته وتدربه هناك, لكنها ظلت معلقة دون أن يقطف ثمارها.
بدأ أمجد حياته العملية في وزارة الإعلام، ثم تدرج في المناصب إلى أن تم انتدابه للعمل في الديوان الملكي الهاشمي عام 1992، ثم عين مديراً لإدارة الإعلام والاتصال في الديوان الملكي الهاشمي حتى تاريخ 30 أيلول عام 2008, من ثم مستشاراً إعلامياً للملك عبد الله الثاني عام 2011.

الملك الحسين رحمه الله
قبيل البدء بأول أيام عمل في الديوان الملكي الهاشمي ، طلب العضايله للمقابلة هناك، لم يكن يعلم حينها هوية الشخصية التي سيلتقيها مع زملاء له عينوا في نفس اليوم محمد داودية وعلي الفزاع وحسين بني هاني ، فتفاجأ الجميع بانهم يقفون في حضرة الملك الحسين -رحمه الله.
كان اللقاء مفتاحه الأول والأثمن، في اللقاء صافح الملك وسمع منه حديثاً عن الإعلام والأردن، لا يزال راسخاً في بال الوزير حتى اللحظة.
وفاة الملك الحسين من أصعب المواقف التي مر بها, فأثناء فترة مرض الملك الراحل, وبعد طباعته وزملائه لرسالة الحسين الأخيرة, أدرك أن الحسين يودّع الأردن بكل هذا الصمت.

زواجه
اعجب أمجد في المرحلة الجامعية بإحدى زميلاته الكركيات اللواتي يدرسن تخصص اللغة العربية, فخفق قلبه حباً؛ قطف منه أربعة أبناء؛ غسان ومحمد ونادين وراية.

الملك عبدالله الثاني
منذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني أمانة المسؤولية الأولى ملكًا خلفًا للراحل الكبير حظي العضايلة بفرصة كبيرة للعمل بقرب الملك ، كان يرافق الملك في جميع سفراته ، فنشأت علاقة من أخوة ومودة وأبوة بين الملك ورجاله ، مواقف إنسانية وتاريخية عديدة تحفل بها ذاكرة العضايلة عن الملك عبدالله الثاني لكنه لاينسى موقف الملك معه، حين ألم به عارض صحي في إحدى السفرات ، حينها كان سؤال الملك ورعايته عنه اكثر من دواء .
يقول العضايلة لـ"صحيفة نيسان": " في تلك الليلة حرص الملك على الاطمئنان علي.. كان أباً وأخاً يغمر من حوله بالحب والحنان.
في عام 2012 اختار الملك عبدالله الثاني أمجد العضايلة ليكون سفيراً للأردن في تركيا, حتى عام 2017 والذي عين فيه سفيراً للأردن في روسيا, ليبقى في ذاك المنصب لمدة عامين قبل عودته للأردن وزيراً للإعلام.

وزير الإعلام
عام 2019 تم استدعاء العضايلة بعد إبلاغه بحقيبة الإعلام في حكومة الدكتور عمر الرزاز؛ ليبدأ معها فصلا جديدا من فصول العمل.
بالنسبة للعضايلة فإن الصدق والصراحة أساس النجاح وتخطي الحواجز, ولعل هذا أحد أسرار نجاح الرجل، الذي استطاع أن يغزل علاقة مع الشارع في أحلك الظروف وأقساها، علاقة عنوانها الشفافية والمعلومة الصادقة في زمن كثرت به الشائعات.

أزمة كورونا
لا يخفي الوزير أمجد العضايلة لـ"صحيفة نيسان" تخوفاته عندما اشتدت أزمة فايروس كورونا، إلا أن إصرار الحكومة على تقديم نموذج وطني مختلف في إدارة الأزمات نزع شأفة التخوفات، واستبدلها بشيء من الطمأنينة، بعد أن لمس تجاوب الأردنيين مع أوامر الدفاع.
اليوم، يتابع أمجد طرائف الأردنيين على "السوشيال ميديا"، لتنفيس الأزمة وزحزحتها؛ فيضحك الرجل ملء روحه، قبل أن يهمس بأذن الأردنيين: لا تقلقوا .

نيسان ـ نشر في 2020-04-06 الساعة 22:45

الكلمات الأكثر بحثاً