اتصل بنا
 

حين بكى وطن

نيسان ـ نشر في 2020-07-13 الساعة 16:59

نيسان ـ يروى أن وطن كان مخلصًا ومجتهدًا، ربى الملايين من أبناءه بكل ما أوتي من قوة، تعثر بمسيرته كثيرًا، واجه تحديات عدة، تجاوز قلة الإمكانيات وكثرة الديون والقروض التي أثقلت كاهله، كان يصبو إلى أبناءه الذين ظن أنهم سينقذونه، ويهبوا الغالي والنفيس في سبيله.
كان وطن دائمًا ما يزرع القيم الحميدة في أبناءه، يحدثهم عن الأرض ومكانتها، يذكرهم بتضحيات الأجداد والسابقين، يشير إلى أن الإنتماء والولاء عقيدة، وليس مجرد شعارات ترفع بالسراء، وتتحول إلى خيانة وفساد في الضراء، كان يقصد أن يفهم أبناءه أنه بحاجتهم دومًا فلا يميلوا إلى الخذلان.
وحين اشتدت سواعد أبناءه، وامتلأت خزائنهم ظل وطن محتار، بين من أي لكم هذا؟!، وبين شعاراتهم التي كانوا يتغنون بوطن بها، فما كان لوطن أن يظلم أبناءه، لكن ساورته الشكوك حول حقيقة تلك الشعارات، أمن القلب تنبع؟!، أم غطاء لفسادهم؟!.
تقهقر وطن وقرر على خلاف العادة أن يقسو على أبناءه ليميز الخبيث من الطيب، متسائلاً هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!، فشرع يتحرى عنهم وهو يخشى أن يكونوا قد تخلوا عما علمهم من قيم حميدة، وحين تزايدت الشكوك حول أحدهم، قرر استدعائه للتحقيق، وأعلن ذلك مفاخرًا أمام بقية أبناءه الذين ظنهم من البارين، لكن الصدمة احاطت بوطن، الذي سرعان ما اكتشف أن ثلة من أبناءه سيطر عليهم الفساد والطمع فأصبحوا عاقين، ليقفوا في وجه وطن مدافعين عن عقوقهم.
لم يكن بيد وطن حيلة، أجهش بالبكاء الذي خالطته الصدمة، تسارعت وتيرة التساؤلات في عقله، وأخذ يردد أيعقل أن أبنائي لا يكتثرون إلا للمال والمصالح الشخصية؟!، ألم يدركوا كم من تضحيات قدمت في سبيل عيشهم؟!، أيسرقوني وأنا بأمس الحاجة لأن يردوا لي الجميل؟!، لكن لا بأس أقسم بأن الغلبة ستكون لي مهما استشر فسادهم، فأنا وطن رمز لا يغيب ولا يهزم، وأبنائي البارين كثر، لن يتخلوا عني كما فعل الجاحدين والعاقين.

نيسان ـ نشر في 2020-07-13 الساعة 16:59


رأي: إبراهيم الساحوري

الكلمات الأكثر بحثاً