اتصل بنا
 

ألا ليت الزمان يعود يوما ...

نيسان ـ نشر في 2020-07-31 الساعة 19:13

نيسان ـ يا ريت يرجع هالزمن الجميل لنشبع من أيامنا اللي راحت ، ونخلق ذكريات مليانة حب وخير ودفا ما بتعوض .
طفولتي تعود إليّ الآن وتوقظ دمعاتي على لمة الأحبة والأصحاب يوم العيد ..
على خروف العيد اللي كان فرحة الصغار وقتها بعد ما رتبوا اواعيهم فوق روسهم قبل بيوم ويصحوا كل شوي ليتأكدوا من ضو ( البوط) إذا شغال ولا لا .
على تهاني الجارات في الحارة وتوزيع صحون الأكل والحلو وتبادلها بكل حب وسعادة ،طبعا ،ما هو الخير من الكل وراجع للكل ..
خلونا نرجع سوا لفترة الثمانينات والتسعينات ونتذكر كيف كانت أكبر أحلامنا أضل الكهربا شغالة لليل ليتابع أهالينا مسلسلنا البدوي عقناة عمان ،القناة اللي بين خمس قنوات أو أكثر شوي المعروضة أو المتوفرة وقتها.
أكبر أحلامنا مصاري المقصف آخر دوام المدرسة لحتى نشتري أي شي متواضع لأمهاتنا حتى لو باكيت شيبس (رينغو) أو (كوكو عاشور). الشوكولاتة اللي كانت بعيوننا واحدة من أفخر أنواع الحلو ( زهيدة الثمن ) .
وعادي جدا نكون ملهوفين لأي نوع ثاني كهدية من هدايا أي مغترب بزورنا ،والزيارة يعني حفل استقبال خصوصا إذا صادف يوم جمعة ،فأكيد الطقوس رح تبلش من الحمام الرهيب من مي تنكة السمنة ورغوة الصابون النابلسي ،طبعا هالحمام عبارة عن ساونا خرافي نرسم من خلاله كم قلب صغير عالشباك ونرجع نمسحه .وكإنه حاسين إنه هالقلوب رح تتغير وتنمسح بيوم من الأيام. برضو من هالطقوس الجميلة تعزيل البيت والحوش خصوصا ومراقبة أمهاتنا وهي بتطبخ المقلوبة ،وإذا الله أكرم الوالد ممكن نضل حولين طنجرة اللبن وهو بتحرك لنحضر حالنا لاحلى وجبة منسف بعد ما يخلص الزائر منه .هيك تعلمنا الأدب واحترام الضيف وتقديم واجبه قبل أنفسنا ،تعلمنا ما نرفع نظرنا ولا صوتنا عأمهاتنا وآبائنا ،ونسمع كلمتهم اللي دايما صح وعلى حق حتى لو ضد رغباتنا كرفضهم للرحلة المدرسية بعد تحضير طويل وشاق الها ،أو بهدلتنا لتقصيرنا في علامة العربي والرياضيات وقت استلام الشهادات ( الوقت العصيب كان ) .تعلمنا إنه الزيارات هي لقاء شوق وحب بدون أي تكليف ،كاسة الشاي وفنجان القهوة كانوا أحلى ضيافة ،وصوت ضحكات أهالينا مع جداتنا من نكات هزلية هو أكبر مصدر تسلية وترفيهي للجميع .
نعم ،كانت أكبر مصادرنا للسعادة لبياض قلوبنا ،وصفائها ،ولنوايانا الطيبة بفتح أبوابنا أمام الجار الذي يحسب فردا من العائلة بوقفته في الأفراح والأتراح ،بنقل أكياس الرز والسكر فرحا بعريسنا الذي تلتف حوله نسوة الحي من الخالات والعمات والجارات يطلقن الزغاريد حوله ليحضر عروسه بسيارة مزينة بورود البيت لتسير أمام الفاردة ملحقة ( بالباصات المقيدة برفقة الشب ( الحمش واللي بسلطن عأغاني النسوان القديمة مادحة بالشوفير مرة وبعروس ابنهن مرة )، وبتوزيع القهوة السادة والتمر حزنا على فقيدنا الذي يحضر عزاءه كل موجود بالحي ذاكرين افضاله وخيره ،هذا الجار الذي يسهر معنا ليلا ،ويترك أطفاله صبحا يستمتعون بمشاهدة أفلام الكرتون معنا،(كالمناهل),و(اسألوا لبيبة) و(ساندي بل) ،و(عدنان ولينا) ،كنا نشاهدها و(سندويشات الزعتر) تعبي أواعينا البسيطة اللي نلعب فيها بالحارة ونستقبل فيها برضو الناس ،ما كنا نطلع عبعض شو لابسين بقدر شو نلعب لعبة ( السبع حجار ) ولا ( الزقيطة ) ولا كرة القدم المصنوعة من بقايا ( جراباتنا ) وشوية قماش .
منلعب لحتى نتعب ونرجع عالبيت بالموعد اللي حددته أمهاتنا لحتى نغسل ونصلي ونتعشى وننام على ضو الشمعة متأملين يوم جديد أحلى من اللي قبله .
حياتنا كانت بسيطة،هيّنة ،مباركة ،بعيدة كل البعد عن فوضى وضجيج اليوم والذي بات سجنا كبيرا يضيق علينا صدورنا ،كلما حاولنا فك عقده ازدادت تشابكا ،لتصبح طفولتنا البريئة ندمنا الشديد لترك كل تفاصيلها كي نكبر ونتعجل المستقبل ،والذي قد أصابنا في قلوبنا التي رسمناها يوما على نوافذنا ،فقتل فينا الذكريات والضحكات وحتى الكلمات لنقف فرادى نردد بحسرة وقهر شديدين.
ألا ليت الزمان يعود يوما

نيسان ـ نشر في 2020-07-31 الساعة 19:13


رأي: علاء عواد

الكلمات الأكثر بحثاً