اتصل بنا
 

الإدارة المرتبِكة.. ماذا بقي في جعبة حكومة النهضة؟

نيسان ـ نشر في 2020-09-16 الساعة 09:16

x
نيسان ـ صحيفة نيسان- خاص
لم تُنتج شعارات الدكتور عمر الرزاز إلّا التسلية للأردنيين، فمنذ البداية والرئيس ينتقل من شعار إلى آخر من دون جدوى، أو دعونا نقولها صراحة؛ من دون أي عمق، فكل ما طرحه الرئيس، منذ فكرته الجبارة عن إعادة صياغة العقد الاجتماعي وحتى هذه اللحظة، مجرد كلام طائر في الهواء، بلا وزن ولا قيمة ولا طعم ولا رائحة، وهو ما يؤكد أن الحكومة لا تفتقد لبرنامج واضح المعالم فقط، بل إنها تفتقد للرؤية التي يمكن أن ترسم سياساتها على أساسها.
منذ البداية، خَلفَ الرزاز حكومة الدكتور هاني الملقي، من دون برنامج خاص بحكومته، حتى أنه لم يقدم حلًا جديداً للأزمة التي أطاحت حكومة الملقي، فمرّر القانون الضريبي بحذافيره، بل إن فريقه الاقتصادي أصرّ على وضع لمساته الخاصة المنطلقة من منافعهم الشخصية بالتخفيف عن البنوك التي تخرّجوا منها إلى الحكومة.
وبعد ذلك رأينا كيف تعاملت الحكومة مع أزمتي المعلمين، الأولى والثانية، وكيف تفاقمت المديونية وتضخمت في عهد هؤلاء الخبراء الذين جاءوا من كل فج عميق للبنوك المحلية والدُّولية، ما الذي فعلوه مختلفا عما قدمته سابقاتهم من الحكومات؟ لا شيء، بل إنهم واصلوا التجريب والمعالجة عن طريق المحاولة والخطأ، مع فارق أنهم لم يصيبوا ولا مرة، نعم، فقد أخطأوا وأخطأوا المرة تلو الأخرى، حتى بلغت المديونية أرقاما قياسية، ومثلها البطالة، وحدّث ولا حرج عن التضخم، وضعف القيمة الشرائية، واتساع دوائر الفقر، وترهل قطاعات الخدمات العامة، وتراجع الرعاية الاجتماعية.
وقد كان عذر الحكومات المتلاحقة الأثير، في تعثرها، موجات اللاجئين، وإرهاق كلف رعايتهم للمالية العامة للدولة، وتبعتها الحكومة الحالية متبنيةً العذر ذاته، حتى نزلت عليها كورونا من السماء، لتبدأ رحلة جديدة من رحلات المحاولة والخطأ، ومنذ البداية بدَت الحكومة مرتبكة بقراراتها، والحجة هذه المرة أن لا برتكولات محددة لمواجهة هذه الآفة، وأن كل العالم يواجه المشكلة نفسها، وقد أشبعنا السادة الوزراء تبجحا بالسيطرة على الوباء، حتى انهارت الأمور دفعة واحدة.
وإمعانا في التبجّح والصلافة، لم تتوقف الحكومة عن لوم الناس بأن أعراسهم ومآتمهم كانت السبب في انتشار الكورونا، في الوقت الذي تم تجاهل النظر لأخطائها، ويكفي أن نُذكّر السادة الوزراء بقصة المعابر الحدودية؛ العمري في البداية، عندما أبقته الحكومة مفتوحًا من دون أية آليات رقابية، ومؤخرا ما حصل في حدود جابر حيث أدخلت مئات الحالات التي وسّعت من انتشار الوباء وتفشيه.
هل استثمرت الحكومة جائحة كوفيد19 ؟ نعم. وبتغييب كامل للشفافية والافصاح في آلية اتخاذها مختلف القرارات، ومن ضمنها حجم المديونية، والتغول على مدخرات الصناديق الحكومية بما فيها الهدر المبرمج لمدخرات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والتوسع في الاقتراض المحلي عموما، حتى عندما ابتدعت الحكومة قصة إعادة احتساب المديونية بتبني فكرة الحكومة العامة.
كان الهدف، في ظني، وأكثر الظن إثم، أن تطلق يدها في الاقتراض المحلي، وتحديدا من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، فمثل هذه الألاعيب لا تنطلي على مراكز الإقراض العالمي، ولا تحسن درجة التصنيف الائتماني للدولة الأردنية، وما الهدف منها إلّا الاستحواذ على مدخرات المؤسسات الاجتماعية التي تقع خارج سيطرة الحكومة المباشرة.
ماذا بقي اليوم في جعبة الحكومة؟ من الواضح أنه لم يبقَ إلّا الرحيل، رحيلٌ يمكن أن نقتنع حينه بجملة طالما رددها دولة الرئيس: إن كل مُرٍ سيمُر.

نيسان ـ نشر في 2020-09-16 الساعة 09:16

الكلمات الأكثر بحثاً