اتصل بنا
 

خيانة الطبقة الوسطى

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2020-09-20 الساعة 15:14

نيسان ـ ينخرط اكاديميون في الاوساط العشائرية بفعالية في انتخابات القبائل بغية افراز مرشح للبرلمان المقبل، وفق منطق اسم العشيرة وشرفها وحضورها المناطقي والوطني العام، فيما يهمين على المزاج العام في تلك الاوساط سؤال حول الملائة المالية للمترشح وقدرته على الانفاق بسخاء على الحملة الانتخابية.
لعل الطبقة الوسطى في الاردن تنحصر في العناصر التي تمكنت من الصعود في السلم الاجتماعي عبر بوابة التحصيل العلم او الحاصل المالي، اي ان الافراد الذين تمكنوا من تحصيل شهادات عليا افردت لهم مكان متقدم في المجتمع، بوصفهم النخبة المتعلمة، بينما تمكنت الافراد من مراكمة حاصل مالي عبر التجارة او الاستثمار فتمكنوا من بناء مكانة اجتماعية واعتراف اجتماعي اساسها المال.
حلت طبقة الاكاديميين ورجال المال في السنوات الاخيرة مكان القوى القبلية التقليدية التي كانت تستند في مكانتها الاجتماعية لأرث اجتماعي قديم، غير ان تلك الطبقة بقيت حريصة على تعزيز مكانتها داخل اطرها الاجتماعية الضيقة، في مواجهة ارث من النقد الاجتماعي يسقط (الساقط) بوصفه لم يقدم اي خدمات جليلة للقبيلة ثناء خدمته العامة داخل مؤسسات الدولة.
في اللحظة التي يطبق فيه النظام السياسي على مؤسسات المجتمع المدني من نقابات واحزاب وصحافة وتيارات سياسية، يذهب النظام السياسي الى افساح المجال امام البنى التقليدية بغية خلق تعبيرات تمثل بشكل كبير تلك الاوساط تحت عنوان (الاجماع العشائري) وهوما يفتح السؤال حول الدوافع التي تقف خلف مثل هذا التساهل والتسهيل، هل هذه الخطوة تأتي في اطار تامين قدر من الانخراط العشائري في الانتخابات العامة بهدف تجاوز مخاف الاحجام وتراجع الزخم في الانتخابات المقبلة ام ان الغاية تأتي لتامين غطاء عشائري عبر البرلمان المقبل لقرارات كبرى تطال شكل الدولة والنظام السياسي.
عمليا تقوم تلك الاوساط من نخب الطبقة الوسطى بخيانة لبلادها ومجتمعها من خلال انخراطها بمسار تزييف الوعي الجمعي وانجاز رده عن التحول العميق الذي قادته تجربة نقابة المعلمين والتي اسست لاطار عام متجاوز للمنطق القبلي والمناطقي، ولعل اخطر ما في مسار التمنطق المناطقي والقبلي، هو دفع الفئات الاجتماعية المهمشة والمسحوقة من تلك الاوساط للانخراط في مسار لا يوفر لتلك الفئات اي اجابة على اسئلتها العميقة حول مستقبلها ومستقبل بلادها.
بالتأكيد ان القوى الاجتماعية الحقيقة والعميقة التي تمتلك المعرفة والوعي بأزمة بلادها لا تزال تعاني من عزلة واطباق عام على كافة المستويات من النظام السياسي والقوى الاجتماعية، الا ان تلك القوى تمتلك بالمطلق الافق الحقيقي للإجابة العميقة التي تحاول قوى الوضع القائم اليوم التعامي عنها ، عبر دفع النقاش داخل تلك الاوساط لقضايا هامشية تحت عناوين اسم العشيرة ومصلحتها والتي هي حتما لا يمكن انجازها على ضيقها دون اطار وطني عام كانت تجربة المعلمين عينة مخبرية لما يمكن انجازه عبر اطار حقيقي يمتلك الشريعة والجلد الكافي لإنجاز التغيير.

نيسان ـ نشر في 2020-09-20 الساعة 15:14


رأي: منصور المعلا كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً