اتصل بنا
 

قصص قصيرة جداً:قنديل في عتمة ليل أحمر يضيء القلب

نيسان ـ نشر في 2020-09-25 الساعة 19:56

نيسان ـ 1 - سلة تين خضاري!
..لبست ثوبها المطرز الاسود، حلت شعرها وحملت سلة التين الخضاري، قطف الندى!
عيشة التي كنا نسمعهم ينادونها «ماما عيشة» تأخذك بطولها الفارع وجمالها الغجري ومشيتها الارستقراطية، أمي قالت عنها انها كانت حكيمة وعنيدة، تلبس الثوب دون اي قطعة ملابس اخرى لا من فوق ولا من تحت!
انتبه لماما عيشة شيخ الثوار واوعز بإحضارها الى مجلس الثوار،لم تناقش حامل الرسالة،في تمام السادسة من مساء اليوم المحدد لبست ثوبها وأرخت جدائلها وغابت بين بيارات البرتقال.
في تمام الساعة السادسة صباحا كانت على مقربة من جنود الاحتلال،سرية تحجز جبال المدينة عن سهول البيارات، تمايلت، تراقصت، انبهر قائد السرية بما يطل حاملة سلة انيقة من التين الجميل.
صرخ قائد السرية:
-شالووم.
ماما عيشة تصمت وتتابع هز كعبيها فوق رمل البيارة، تتعمد هز وسطها لتتساقط بعض حبات التين، يرنو قائد السرية الى طول عيشة ونظراتها وصدرها الكاعب المتراقص، يترك سلاحة ويتلاقف حبات التين، عيناه تقابل عيني عيشة، يرتجف ويهمهم بعربية مكسرة:
- ال تين و ص قططت ماما!
تتابع عيشة وتلوح بيدها للجنود، ايماءات مسرحية ان كلوها، سم الهاري!.. وعبرت عيشة دون تفتيش.
في ليل اليوم التالي اعدم الثور كل افراد سرية الحراسة اليهودية ولغاية اعداد التقرير_- بطلب من مندوب الانتداب البريطاني- لم يعرف المحتل كيف وصل الرصاص الحي الى الثوار.
تقرأ ماما عيشة الاخبار في الصحف،تزغرد ناظرة الى مطرزات صدرها في غباش ندى الصباح.
2 - القنديل
فجأة انكسر شيء ما، دوت ذبالة من كتان قديم،يكاد هجير العتمة يعم.
مال بهدوء جهة الغرب، شاهد ليلا أحمر يهجم على قامات الزيتون والبرتقال، احس بغصة وألم، تحسس القنديل، لوث السخام الاسود اطراف اصابعه،فرك كتل الرمل و فتح بسطة بين الحصى والرمل،ركز داخلها شظايا زجاجة القنديل.
لملم عتمته ونام على وجع حارق!
3 - الحنين إلى قصص اليمام.
يقرأ في كليلة ودمنة وفي رحلات السندباد وعزلة ابن طفيل ويسابق بساط الريح.
صرخت الام:
- للمرة الألف. اصح يا نائم، اصح يا متعبني.
يفتش في شغف عن تلك اليمامة التي نامت بين يديه، ويتذكر كيف كانت اختها تهدل بسعادة الحنين الى يد من حب وموسيقى.
كتب على هامش كتاب الجغرافيا:
- كم اعشق تربية اليمامات، واكره رسم الخرائط، تقلقني اهتماماتك بالخرائط التي تجعل اليمام مذعورا.

نيسان ـ نشر في 2020-09-25 الساعة 19:56


رأي: حسين دعسة

الكلمات الأكثر بحثاً