اتصل بنا
 

دولة القانون

أكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2020-10-19 الساعة 23:29

نيسان ـ جئت إلى الإمارات العربية المتحدة حفظها الله قبل ثلاث سنوات، وها أنا أبدأ بالرابعة ولم يوقفني رجل أمن يطلب إثباتي ليتحقق من أنني مقيم إقامة قانونية ومع هذا لم أر مشاجرة واحدة في الشارع العام أو حتى الشوارع الفرعية، وكذلك الأمر في الكلية أو في الأسواق الشعبية أو المولات ،وحين سألت عن السبب بطل العجب وهو أن الدولة هنا تفرض هيبتها بالقانون الذي يطبق على الجميع بشكل صارم.
حدث معي حادث سير مع أحد المواطنين؛ فجاء رجل واحد من "رافد" ليشخص الحادث ويفيد أن الحق على المواطن فهنا يطبق القانون على المقيم والمواطن بشكل يجعل من يقيم في هذا البلد الطيب أهله يتمنى لو أنه يبقى فيها.
أعرف رجال أعمال يمارسون نشاطهم التجاري والاقتصادي دون أن يأتيه أحد ليقول له البلد بلدنا وأنت وافد ؛ فهو يقوم بنشاطه ويدفع ضرائبه بكرامة دون أن يكون هناك من يدعي أنه بحمايته وعليه أن يعطيه من تحت الطاولة.
وحين أعود للأردن أجد للأسف دوريات الشرطة التي توقفني باستمرار لتتأكد من أنني لستُ من أصحاب السوابق مع كشرة تشعرك أنك تمشي على الشارع الذي اشتراه من ماله الخاص ،وحين مزحت مع أحد موظفي المطار وقلت له برئ .أوقفني وفتشني بكل فضاضة آليت بعدها على نفسي أن أقلل مجيئي للوطن وحين أعود؛ فإنني سألبس أخف ما لدي بدلة رياضة كي لا أفتش؛ وأذكر أنهم صادروا مني السمن البلدي وحين طلبوا مني مراجعة الإدارة فإنني أخذته على أعينهم وألقيتهم بسلة القمامة -وأنا الذي يعرف قيمة سمن بلدي -كي أتخلص من حمولتي الممنوعة؛ وأذكر للأسف أن كثيرا من أصدقائي الذين يسافرون برفقة أطفالهم يخصصون مبلغا لا يقل عن عشرة دنانير لشراء الماء ؛ لأنهم لا يسمحون لنا أن ندخله غرفة المسافرين وحين ندخل إلى الداخل يكون ثمنه أضعاف سعره الحقيقي وأذكر أيضا أنهم لايكتفون بما هو مكتوب في بيانات المسافر فيسألون ليتأكدوا من معلومات لا تدل إلا على تأخير القادم إلى البلد، ولا أدري لماذا كل هذا التعقيد؟.
وعليه فإنني أكتب ما أكتب لعلنا نخرج من حالة الغياب للقانون مع أنني متفائل قليلا بسبب ما أراه من عودة القانون الذي كان غائبا فذهبت ضحيته عين صالح ويداه وقبل ذلك قتل زميل لنا بكل برودة أعصاب على مرأى ومسمع من الجميع وإلى الآن لم يزل القاتل حي يرزق مع صدور حكم الإعدام بحق من فعل فعلته ولا أدري لماذا ينتظرون ويماطلون؟!.
القانون يا سادة يحتاج إلى مساواة وإلى تفعيل وأن نكف أيدي العابثين به سواء أكانوا نوابا أم شيوخا أم أبرياء يبحثون لأنفسهم عن مكان تحت مظلة الصلح الذي يكون في غالبه بغير رضى الطرف المغلوب على أمره فيذهب حقه خجلا وحياء وتبقى حزازات النفوس كما هي ؛فينبت الجرح على الدمن ليولد لنا شخصا يبحث عن فرصة مناسبة ليثأر ممن ظلمه لأن حقه ذهب حياء وخجلا .

نيسان ـ نشر في 2020-10-19 الساعة 23:29


رأي: د. مهدي الشموط أكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً