اتصل بنا
 

القليل من القلق لا يضر

نيسان ـ نشر في 2020-10-20 الساعة 17:35

نيسان ـ يتهافت العالم أجمع للهرب من الأزمه الوبائية التي طالت الجميع بدون تمييز أو استثناء، ووحدت الانسانيه بالمعاناة والآثار السلبيه التي طالت جميع مناحي الحياة،وقد تضادت هذه الآثار مع مناحي الحياة خاصة الاقتصادية منها التي كانت المتأثر الأبرز من نتائج الجائحه،ولعل الصراع واضح بين الحماية الصحية والحالة الاقتصادية، فكلاهما مرتبط بالآخر دون مفاضله طرف على اخر، وقد كان للاهتمام بالآثار الاقتصادية الاهتمام الأبرز الذي تم التعامل معه ومحاولة ضبطه من خلال الإجراءات والتدخلات التي يمكن أن تساعد في السيطره على الضرر الاقتصادي الناتج من آثار الجائحه.
غير أنه بعد أن قطع العالم هذا الشوط الطويل في الجائحة الوبائيه أصبحت تطفو على السطح مشكلات معقده أفرزتها الجائحه وتوابعها وكان هناك استعدادا مسبقا لها ، وأهم هذه المشكلات هي المشكلات النفسية التي أصبح من الضروري الوقوف أمامها كحقيقة لا تقل أهمية عن الجانب الاقتصادي الذي تأثر من الجائحه.
لا تقف الآثار النفسية للجائحه على المجتمع عند مرحلة الحظر الذي يجعل الفرد يواجه حقيقة مكوناته الذاتيه،ومدى اغترابه أو انسجامه مع عائلته التي سيقضي الحظر معها بكل تفاصيلها مهما حاول من المحافظة على مساحات الخصوصية، ولعل التساؤلات الذي برزت أمام الأفراد أثناء الحظر ستشكل غلافا فكريا له سيؤثر على سلوكه لما بعد الجائحه خاصة في ظل التغير في نمط الاستهلاك والتغير في سلوك المجتمع والتفكير بمجهول قد يطول أمده أثناء الأزمة بالتفكير في تهديد المجهول أو بعد انتهاءها.
إن معاناة المصاب بفايروس كورونا لا يقتصر على المعاناة الصحية المباشره وان كانت هي الأشد، غير أن المعاناة النفسية تعتبر بذات الأهمية لما يعيشه المصاب من تهديد لنهاية ألمه وانتهاء اصابته، وبعده بالتواصل المباشر مع الآخرين أثناء الحجر، ولما بعد الإصابة من خوف وقلق من تعامل الآخرين مع المريض الذي قد يصاب المريض بوصمة اجتماعية خاصة في المجتمعات الأقل انفتاحا، وكذلك القلق الذي يصيب المصاب الذي لا تبدو عليه أعراض بحيث يعتقد أن أقل ظاهره صحيه عليه هي من الأعراض فيصاب بوسواس المعاناة والألم الذي يمكن أن لا يكون موجود بشكل حقيقي،وكذلك توهم المريض وخوفه من عدم قدرته على العودة لنمط الحياة السابق لما بعد الشفاء خاصة في ظل كثرة المعلومات.
ولا تقل هذه المعاناة النفسية للمريض عن معاناة المحيطين المباشرين له وهم المخالطين المباشرين فالضغط النفسي لأسرة المصاب كبير جدا خاصة إذا كان المصاب رب الأسره الأمر الذي يتطلب تغييرا سريعا بدور أفراد الأسرة وتقمص دور المسؤول ، عدا عن الوقت الذي يمضيه المخالطون بالحجر الذاتي والقلق المصاحب له عن حالة المصاب ومستوى الحماية المطلوب توفيره لباقي افراد الاسره، فيتغير سلوك الأسرة ما بين الوسواس وما بين حجم ذكريات مؤلم تبقى مؤثرة على الأفراد خصوصا لدى الأطفال الذين لم يختبرو مواجهة فرق التقصي الوبائي بلباسها الغير مألوف، ولم يختبرو سياره الاسعاف بضوءها الاحمر , ولم يختبرو الكثير من الظواهر التي رافقت ظهور الكورونا.
الحديث يطول عن الآثار النفسية لجائحة كورونا على الأفراد والمجتمع، فما بين القلق والاستهتار تظهر سلوكيات ربما ترافق الفرد لما بعد الجائحه، تطلب تدخلا من الجهات المعنية والمختصة خصوصا للمصابين وأسرهم في فترة المرض وفي فترة التعافي منه.
القليل من القلق لا يضر ، لكن الاستهتار لن يفيد وكذلك تحول القلق لوسواس لن ينفع أيضا ، المقصود الحاجة للمحافظة على الصحه النفسيه بنفس مستوى المحافظة على الصحة الجسدية، فقديما قالو العقل السليم بالجسم السليم .

نيسان ـ نشر في 2020-10-20 الساعة 17:35


رأي: ميسون برهومة

الكلمات الأكثر بحثاً