اتصل بنا
 

من يتحمل مسؤولية هذا الخراب العميم؟

نيسان ـ نشر في 2020-10-21 الساعة 09:52

x
نيسان ـ نيسان... خاص
على مشارف انتخاب المجلس النيابي التاسع عشر، تتواصل عملية التجريف السياسي والتي استهدفت المستويات كافة؛ التشريعية والادارية والطبقية في البلاد، عملية امتدت مذ بعيد هبة نيسان عام 1989، وما زالت مستمرة إلى يومنا هذا.
تهدف العملية الجبارة التي استمرت على مدى الثلث الأخير من مئوية الدولة الأردنية إلى خلق تسوية سياسية تعيد توازن الحكم على وقع أفول، ما يمكن أن نسميه، نمط الانتاج الكولنيالي الذي اعتاشت عليه الادارة الأردنية منذ تأسيسها، وهو نمط قام على التبعية الاقتصادية الكاملة لبريطانيا العظمى بداية، ومن ثم على معونات الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ضمنها توجيه الدول العربية النفطية والدول التي تدور في فلك القطب الامبريالي إلى تقديم المساعدات التي تُبقي على الدور الوظيفي للدول التابعة، من دون أن تبني تنمية محلية حقيقية.
المعونات المقدمة تهدف أولا إلى ترسيخ الحكم والنظام بشكله الاداري التنفيذي، وهي معونات غير مكلفة على الرعاة الأمريكيين والأوروبيين، فقد كانت تتكفل بها دول الخليج، بشكل كامل، حتى آواخر الثمانينيات من القرن الماضي، ومن بعدها تمَّ إلزام الدولة الاردنية باتفاقات تجارية تعفي السلع الأمريكية والاوروبية من الرسوم الجمركية، وهو ما يشكل فاقدا كبيرا لمالية الدولة، ربما يفوق المساعدات المقدمة من هذه الدول، هذا اذا ما علمنا أن مستوردات الأردن تتجاوز العشرين مليار دولار أمريكي.
بدأ التجريف الجذري في مطلع التسعينيات بالاستدارة الرسمية لتصويب العلاقة مع الاسلام السياسي المتمثل بجماعة الاخوان المسلمون، تمهيدا لمشروع السلام في المنطقة حيث شهدت هذه المرحلة تشكيل الوفد الاردني المفاوض من بيروقراط الدولة، لكن هذه الأجواء ما لبثت إلّا فترة وجيزة ليتم بعدها الانقلاب على البيروقراطية ورجالاتها المحافظين، بغض النظر عما قدموا من خدمات، وتزامنت هذه العمليات التجميلية للادارة والمزينة بوجوه الليبراليين اللامعة بترطيب الاجواء مع القوى الليبرالية واليسارية والقومية وفسح المجال لتمدد التيار المدني عبر مؤسسات المجتمع المدني.
لكن الليبرالية غير الأصيلة شرعت بضرب القطاع العام، ولم تتم الخصخصة على الأصول المتعارف عليها في تجارب الكثير من دول العالم، فقد استغل هؤلاء الخريجون الجدد من مدارس النيوليبرالية البيوعات لتحصيل العمولات من المشترين، أو التحايل بتأسيس شركات أجنبية وهمية وشراء بعض المؤسسات بأثمان بخسة.
تسببت هذه العمليات بزيادة التشوهات وارهاق المالية العامة للدولة، بحيث لم يبقَ إلّا اللجوء للاقتراض الخارجي والداخلي، والتلاعب بميزانية الدولة، لتحقيق غاية واحدة فقط؛ تحصيل تصنيف إئتماني يؤهل الحكومات للحصول على المزيد من القروض، تلك التلاعبات تطلبت إضعاف وتغييب الأجهزة الرقابية للدولة.
كل هذه العمليات فعلت فعلها وضربت عميقا في بنية المجتمع؛ فانهارت الطبقة الوسطى وازداد الفقراء فقرا وعددا والجياع جوعا، وارتفعت معدلات التضخم والبطالة والدين العام وما يتبعه من خدمات ناتجة عن الفوائد العالية، وتراجعت الرعاية الصحية، وانهار التعليم فأصبحت نسبة عالية من الطلاب فريسة سهلة للجهل والأمية برغم أنهم ما زالوا على مقاعد الدراسة.

نيسان ـ نشر في 2020-10-21 الساعة 09:52

الكلمات الأكثر بحثاً