اتصل بنا
 

كيف يستفاد من دروس الربيع العربي في معالجة الحالة اليمنية

كاتب أردني وخبير مياه

نيسان ـ نشر في 2015-09-05 الساعة 13:27

نيسان ـ

إن أول دروس الربيع العربي هو في قوة الدولة العميقة قوية جدا حتى لو لم تكن مدعومة بقوة الجيش وهو ما ظهر في الحالة التونسية.

الحالة التونسية شهدت عودة الدولة العميقة من خلال صناديق الاقتراع وبسبب النضوج اللافت لحركة النهضة تمكنت الحركة من انتزاع قدر من الحرية لصالح الشعب التونسي.

الحالة الليبية كانت متميزة في عدم وجود جيش، وقد استفادت الثورة هناك من دعم المجتمع الدولي في إيجاد قوة عسكرية لها تمكنت من إيجاد نوع من توازن القوى مع الدولة العميقة، ولذلك كان هناك تكافؤ بين الدولة العميقة والثورة وبسبب حساسية الجغرافيا الليبية يبدو أننا سنشهد توافقا على غرار الحالة التونسية، ولكن التوتر والفوضى سوف تستمر طويلا بسبب تواجد السلاح والمليشيات ولا سيما مليشيات القذافي التي ظهرت بصورة داعش والقضاء على هذه المليشيات سيحتاج سنوات طويلة وتوافقا إقليميا وظهور جيش وطني حقيقي رادع على الأرض.

إذاً في مقابل الثورات في بلاد الربيع العربي لا يستطيع أحد أن ينكر أن الأنظمة التي أطيح بها كانت تملك قوة قاهرة وحاضنة شعبية أنتجتها المصالح واستطاعت هذه الأنظمة أن تعيد إنتاج نفسها ولا سيما أن معظم القوى الإقليمية كانت مناصرة وداعمة لهذه الأنظمة وذلك أيضا بسبب تشابك مصالح استمر لعشرات السنين.

الحالة اليمنية لم تكن استثناءا سوى أن علي عبد الله صالح وقع في خطأ استراتيجي قاتل ألا وهو استدعاء إيران بدل العمل السياسي الذي كان سيعيد ابنه رئيسا عبر صناديق الإقتراع. قبل أن يفعل علي عبد الله صالح ما فعله كان يلقب بالزعيم بعد أن كان رئيسا وكان يملك أغلبية مقاعد البرلمان من خلال المؤتمر الشعبي العام الذي بقي رئيسا له رغم خسارته للرئاسة بناء على المبادرة الخليجية. إذن أخطأ علي عبد الله صالح وأعماه حب الانتقام عن بعد النظر الذي كان سيخلده زعيما لو تنازل قليلا من أجل يمن موحد قابل للنمو ومدعوم من المنظومة الخليجية.

إذا أتينا الآن الى تقييم الموقف بعد كل ما حصل في اليمن سنجد أن موقف علي عبد الله صالح ضعيف عسكريا ولكن بشروط ليس تحقيقها سهلا وأول هذه الشروط هو عزل على عبد الله صالح كشخص عن قاعدته العريضة في المؤتمر الشعبي العام وحاضنته الشعبية وثاني هذه الشروط بقاء التحالف العربي موحدا في هدف وحدة اليمن تحت حكومة شرعية.

قد يكون تحقيق نصر عسكري على علي عبد الله صالح والحوثيين سهلا ولكن من الصعب بقاء اليمن موحدا وبدون فوضى ومشاكل سنوات طويلة ما لم يراعي التحالف العربي الظروف الموضوعية على الأرض. نحن أمام إيران متأهبة لاختراق أي نقطة ضعف في الجدار اليمني ونحن أمام قوى انفصال في الجنوب ونحن أمام بقايا قوات صالح والحوثيين. هنا نستحضر سريعا ما حصل في ليبيا. كان الانتصار على القذافي يبدو حاسما ولكن القوى لم تستسلم لا داخل ليبيا ولا خارجها حتى جاؤوا بحكومة طبرق وداعش ومليشيات وبقيت ليبيا نازفة .

ما حدث في ليبيا سيتكرر في اليمن ما لم تعالج المسألة اليمنية عربيا بتواضع وتوافق وتوحد. إن وراء على عبد الله صالح حزبا قويا وحاضنة شعبية بالملايين فأول خطوة استراتيجية هو عزل صالح والحوثيين عن رئاسة جديدة للمؤتمر الشعبي العام متوافقة مع التحالف العربي. إن بقاء المؤتمر الشعبي العام قويا وموحدا في اليمن هو أكبر ضمان لوحدة واستقرار اليمن بما يملكه المؤتمر من حاضنة شعبية وفكر وحدوي وما وجود عبد ربه منصور هادي ابن المؤتمر الشعبي العام رئيسا توافقيا لليمنيين وهو من الجنوب إلا أكبر دليل على حضور المؤتمر الشعبي في كل زاوية من زوايا اليمن.

إن وحدة اليمن هي صمام أمان ضد تدخلات إيران وضد التطرف وأي تصدع في التحالف العربي إزاء هذه المسألة سيكون في غاية الخطورة لا بل سيضع التحالف العربي أمام حرب استنزاف لا يعلم مداها إلا الله.

نأمل أن ما حصل من أخطاء كارثية في بلدان الربيع العري سيتم تجنبها في الحالة اليمنية حتى نقول أننا كأمة بدأنا نستفيد من دروس الربيع العربي.

وأخيرا فإن إنتاج يمن موحد بتوافق عربي ومصالحة داخلية سيكون أكبر صمام أمان ضد كل أشكال التهديد الإيراني وسينتج حالة يمكن استنساخها في العراق وسوريا ولبنان حيث بلغ التخريب الإيراني في أقطار الأمة مداه.

نيسان ـ نشر في 2015-09-05 الساعة 13:27

الكلمات الأكثر بحثاً