اتصل بنا
 

هوس الجراحة التجميلية

نيسان ـ نشر في 2015-09-15 الساعة 14:36

نيسان ـ



تشهد أيامنا هذه انتعاش ملحوظ وغير مسبوق في عدد الإجراءات الجراحية التجميلية في العالم ، بحيث تحتل البرازيل ولبنان الرقم الأول عالميـاً بنسبة عدد العمليات التجميلية مقارنةً مع عدد السكان ، وهذا يعود إلى أسباب كثيرة منها نمط الحياة والقوانين الموضوعة لمثل هذه الإجراءات والتكلفة، ففي لبنان قد يؤدي ذهاب سيدة لزيارة صديقتها بعد الولادة إلى أن تخرج السيدة الزائرة بثدي جديد، وتكبير للشفاه أو أكثر من ذلك ، بل تعدت الأمور الحدود بشكل كبير، فأصبحت العمليات التجميلية للأعضاء التناسلية لدى الرجال والنساء شيء طبيعي وعادي .
عمليات التجميل تكون عند أكثر من 95% من الناس عبارة عن عمليات دون أسباب مرضية ، وهدفها فقط الحصول على تغيير في الشكل والمظهر الخارجي ، ومن المعروف أنه لا يوجد تخصص في الطب يسمى الجراحة التجميلية ، ولم يتوصل الأطباء لإتفاق بهذا الخصوص ، فكل طبيب جراح عام أو نسائي أو أسنان أو غير ذلك يستطيع الادعاء بأنه طبيب تجميلي .
إن السبب الأساسي وراء الاقبال الكبير لإجراء هذه العمليات هو الرغبة في الحصول على مظهر أكثر جمالاً حسب الاعتقادات السائدة والتصورات لدى الكثير من الناس حيث يوجد هناك حالات نادرة قد يصل بها عدد العمليات التجميلية عند البعض بالعشرات، والتكاليف بمئات الآلاف ، وخير مثال على ذلك المغني الأمريكي مايكل جاكسون، وما فعل بنفسه ، فهناك أسباب نفسية قد تؤدي إلى ذلك بالإضافة للأسباب التنافسية خاصة بين المشاهير ، فحلم كل انسان أن يحافظ على مظهر الشباب .
لقد أعلنت الدراسات العلمية الحديثة بأن معدل أعمار المرضى الخاضعين لمثل هذه الإجراءات هو 40 عاماً ولكن توجد حالات قليلة تلجأ للعمليات التجميلية بعمر أقل بكثير ، فقد شاهدت شابة من أحد الجنسيات العربية في منتهى الجمال، وتبلغ من العمر 22 عاماً، وكانت برفقة والدتها، التي أخبرتني بأن ابنتها أجرت حتى الآن 8 عمليات جراحية في الوجه والثدي، لتظهر مشابهة لاحدى مطربات البوب الأمريكية وذلك بتكاليف تعدت 100 ألف دينار أردني مكثت خلالها فترات طويلة في الأردن .
إن أكثر العمليات الجراحية شيوعاً لدى السيدات هي عمليات ترميم الثدي، التي يكون هدفها زيادة الحجم أو تصغيره، فبالرغم من الاخبار السيئة التي أصبحت شائعة حول مادة السيلكون منذ ثلاثة سنوات، والتي تصنعها شركة فرنسية بالإضافة الى الاعتقادات السلبية التي لاحقت ذلك، إلا أن الإقبال شديد على إجراء هذه العمليات، والتي باتت تعتبر ضرورية لدى بعض السيدات ولكنها في الواقع قد تكون غير ضرورية.
أما فيما يتعلق بعمليات شد الوجه أو إزالة الدهون ، فهي تحتل المركز الثاني بعد عمليات الثدي، وهي أيضاً ترتبط بأسباب ولكن معظم الحالات بإعتقادي غير ضرورية، وبدون أدنى شك أن لهذه الإجراءات مضاعفات وخطورة، خاصة ان إجرائها يتم في الغالب تحت التخدير العام، والذي قد يجلب مضاعفات قد تودي بحياة الانسان، بالإضافة إلى إمكانية حدوث الجلطات الرئوية والدماغية.
إن الإقبال الشديد على طب التجميل ساهم في ولادة جيل من الأطباء يضع الاعتبارات المادية في مقدمة عمله ، فالملاحظ هو المبالغة غير المسبوقة في تكاليف هذه العلاجات، وسرعة الحصول على المال من خلال ممارسة هذه الاعمال ، كما ان القابلية والاستعداد لدى المواطن للدفع مقابل هذه الإجراءات سهل وغير قابل للنقاش، فالسيدات على استعداد للنقاش حول سعر عملية الولادة الطبيعية ، ولكن يجدن حواجز نفسية للنقاش حول سعر عملية تكبير الشفاه ، فلا تجد السيدة صعوبة في اقناع شريك الحياة بدفع تكاليف اجراء عملية تجميل بدلاً من شراء مطبخ جديد للبيت .
يتوجب علينا المساهمة الفاعلة في إيقاف هذا التطور غير الصحي، والاكتفاء بعمليات التجميل العلاجية في الحالات التي تستدعي ذلك، كإجرائها بعد الحوادث والحروق أو التشوهات الخلقية، أما عكس ذلك فهو غير ضروري برأيي، و له اثار جانبية على المدى البعيد.
وعلى وزارة الصحة ايضاً وضع قوانين وتشريعات لتحديد الفئة التي يحق لها اجراء هذه العمليات، وضمن الشروط الواجب توفرها للخضوع لمثل هذه الإجراءات، وكذلك علينا حث الأطباء الابتعاد عن وضع المسائل المادية في مقدمة الأولويات، وتوخي الشفافية في اتخاذ القرارات الطبية رغم أن هذا قد يبدو حلما، وضرب من الخيال.

نيسان ـ نشر في 2015-09-15 الساعة 14:36

الكلمات الأكثر بحثاً