اتصل بنا
 

الرواتب .. باروميتر العدالة الاجتماعية

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2015-05-24 الساعة 12:27

نيسان ـ

ليس الراتب مجرد نقود يتقاضاها الموظف بدل جهد أو شغل أنجزه، بل هو أيضا أداة من أدوات إعادة توزيع الثروة وعوائد التنمية في المجتمع، بالتالي تُشكل قراءات هذه الرواتب "باروميتر" العدالة الاجتماعية.

في بلد مثل الاردن هناك مشكلة كبيرة تعكسها أرقام دراسات الفقر والدخول، فالحديث يدور الان عن أن خط الفقر تحت دخل 500 دينار، وخط الجوع عند 200 دينار، بينما كانت تشير بيانات عام 2010 إلى ان خط الفقر للأسر المعيارية البالغ حجمها 5.4 فرد بلغ 366 ديناراً شهريا، وللأسر التي يبلغ حجمها 6 افراد 407 دنانير شهرياً.

الى ذلك تقول الدراسات على الرواتب، أن 90% من رواتب الاردنيين هي تحت 500 دينار، وأن 7% تحت 200 دينار، ومن الجدير ملاحظته هنا، أن الحد الادنى للأجور ما زال 190 دينارا، وأيضا  لا بد من ملاحظة أن رواتب المعونة الوطنية لا تتجاوز 180 دينارا.

 لا نريد الخوض هنا في حديث تحريضي، عن الرواتب العالية، لأنها لا تشكل نسبة عالية من الرواتب الحكومية، مع التأكيد على أنه لا بد من مراجعة الميزات والمياومات التي يتقاضاها كبار الموظفين. على أنه يجب أن لا ننسى أن القطاع العام في أي دولة يضطر أحيانا مرغما لاستقطاب بعض الكفاءات برواتب خارج سلم رواتبه، وبما يتناسب مع المنافسة للقطاع الخاص وسوق العمل الخارجي.

طبعا ليس أمام الحكومة إن رغبت في رفع الرواتب إلا أن ترفع الرسوم على المواد والخدمات التي تقدمها، وأن تُحسّن أداء التحصيل الضريبي، خصوصا ضريبة المبيعات والدخل، وهو ما لا يروق للكثير من القطاعات، فتتجنبها الحكومات. هذا الشعور ناتج عن عدم توفر الثقة بين المواطن والحكومة، بينما في الدول الاوروبية تطالب الجماهير والاحزاب المعارضة والنقابات برفع الضرائب، بل أنهم تظاهروا  ضد رفع الرواتب خوفا من إرتفاع معدلات التضخم.

تساهُلْ الحكومات في بعض الاجراءات تسببَ لنا بكارثة المديونية، فلو أخذنا على سبيل المثال قطاعين فقط تساهلت الحكومات المتعاقبة في التعامل معهما، لرأينا حجم ما ترتب على ذلك من هدر كبير لمقدراتنا الوطنية، فمثلا تقول التسريبات إن احدى شركات القطاع الخاص العاملة في قطاع الاتصالات الخلوية، والمملوكة لمستثمرين أجانب، تحول  سنويا أرباحا صافية بقيمة مليار دولار لملاكها في الخارج، بل أن أحد ملاكها السابقين تهرب من دفع 300 مليون مستحقة عليه لضريبة الدخل، فلماذا لم تتملك الحكومة كل هذه الشركات العاملة منذ عام 1995، والتي من الممكن أن تسهم أرباحها في تغطية المديونية كاملة، إلى جانب مضاعفة الرواتب.

 القطاع الآخر هو قطاع السيارات، حيث أدّى تخفيض الجمارك على السيارات الى ضياع المليارات أيضا، ولا يظن ظانُ أن ذلك إجباري للالتزام باتفاقيات التجارة الدولية، فيحق لكل بلد أن تفرض ما تريد من رسوم غير الجمارك، ومثال على ذلك دولة مثل سنغافورة، تُكلف رخصة اقتناء السيارة بها أكثر من مئة الف دولار.

لم تتقدم أي من الحكومات المتعاقبة بأي حل جذري، بل اعتمدت اسلوب تسيير الأعمال؛ لحل ما يواجهها من مشاكل آنية  من دفع الرواتب وتسديد أقساط المديونية ودفع كلفة خدمات الصحة والتعليم والأمن وصيانة البنية التحتية، ظلت تحل ذلك بالاقتراض، حتى وصلت المديونية الى أكثر من 33 مليار دولار،  والمشكلة اليوم تزداد باقتراضها من اجل تسديد أقساط المديونية.

نيسان ـ نشر في 2015-05-24 الساعة 12:27

الكلمات الأكثر بحثاً