اتصل بنا
 

علماء كنديون يروّضون الصواعق

نيسان ـ نشر في 2015-06-24 الساعة 14:47

x
نيسان ـ

تبرق السماء 100 مرة في الثانية على المستوى العالمي، وتتسبب الصواعق الناجمة عنها بوفاة الآلاف سنويًا، كما تلحق اضرارًا اقتصادية تقدر بالمليارات، لكنّ الكنديين استطاعوا ترويضها وتوجيهها إلى حيث يبتغون.

أصبح العلماء الكنديون من معهد الأبحاث العلمية في كيوبيك مثل كبير آلهة الاغريق زيوس، الذي تقول الأساطير إنه من يطلق الصواعق من قمة جبل أوليمبيا على قلوب من يتمرد عليه. فقد نجح العلماء في استخدام أشعة ليزر لترويض البرق والصواعق وتوجيهها بعيدًا عن المناطق الحساسة.

بعيدًا عن الناس

يمكن للنجاح في الهيمنة على الظواهر الطبيعية، كما هي الحال مع الزوابع والهزات الأرضية، أن ينقذ حياة الكثيرين. كما يمكنه أن يقلل الخسائر المادية الناجمة عن الحرائق التي تنجم عنها، لكنه يمكن أن يصبح سلاحًا قد يستخدمه البعض في حروبهم على الآخرين، كما يفعل زيوس تمامًا.

إلا أن هذا ليس هدف الباحثين في كيوبيك كما يؤكدون في مجلة "ساينس ادفانسز" العلمية المختصّة. ولا يعني ترويض الصواعق غير تفريغ شحنات كهربائية هائلة بعيدًا عن الأرض باستخدام أشعة ليزر.

وكتب العلماء الكنديون في "ساينس ادفانسز" انهم لم يتمكنوا من تحويل اتجاهات الصواعق فحسب، بل وتغيير شكلها أيضًا، بما يخدم الهدف الذي ستوجه إليه. وهكذا تمكنوا من جعل الصواعق تنطلق بشكل حرف "س" اللاتيني، وبشكل أقواس كي تتجنب بعض الهياكل على الأرض، وكي تضرب أماكن خالية من السكن.

كانت التجارب العلمية الجارية حتى الآن، في مختلف مختبرات العالم، تعتمد ترويض الصواعق عن طريق استخدام أشعة الضوء، أو استخدام الموجات الكهربائية المضادة بقوة معينة، إلا أن هذه الطرق لم تحقق النجاح الذي حققه الكنديون بواسطة أشعة ليزر.

ويكمن نجاحهم في القدرة على تحديد اتجاهات هذه الصواعق، فهذه الصواعق "مزاجية" في اتجاهاتها، بحسب تعبير العلماء، ويعتبر الكشف المسبق عن اتجاهاتها العقبة الأساسية أمام المحاولات العلمية لتجنب مخاطرها.

صواعق بشكل أقواس

يأمل ماتيو كليريسي وزملاؤه، من معهد الأبحاث العلمية في كيوبيك، في أن يعينهم هذا الاكتشاف على وضع كل هذه الطاقة الكهربائية العظيمة في خدمة البشرـ بدلًا من أن تتبدد في الهواء أو أن تتسبب بخسائر بشرية واقتصادية. عملت أشعة الليزر على تأيين الهواء في المنطقة العاصفة المشحونة بالصواعق، وثبت أنها تفتح "قناة" بين الغيوم تسهّل تفريغ الشحنات الكهربائية للصواعق من خلالها، بدلًا من التفريغ في اتجاهات أخرى.

وترفع أشعة الليزر وقنواتها الجوية مقاومة الغازات في المنطقة، لكنها تحتفظ بأقل مقاومة غازية داخل قنواتها، وهكذا تتجه شحنة الصاعقة ذاتيًا نحو المقاومة الأقل في الاتجاهات التي تتخذها هذه "القنوات".

واستخدم كليريسي وزملاؤه عدسات معينة عند اطلاق أشعة الليزر في الجو، وتمكنوا بالتالي من صنع "قنوات" قليلة المقاومة لكن من أشكال متعددة تعتمد على أطوال موجات الأشعة. وهكذا تمكنوا من جعل الصواعق تفرغ شحناتها داخل قنوات بشكل حرف "أس" اللاتيني، أو بشكل أقواس باستخدام أكثر من اشعة.

ثم صاروا يتحكمون باتجاه الصواعق وتفريغها بعيدًا عن المدن والأبنية الكبيرة والمناطق المأهولة.

ويقول الباحثون انهم جعلوا بعض الصواعق تتقاطع مع بعضها وتفرغ شحناتها في الأعالي بعد أن تلاعبوا بأطوال أشعة الليزر. ونجحوا في جعل صاعقة كبيرة تتخذ شكل قوس يمر فوق مبنى كبير بدلًا من أن يصيبه باستخدام عدة خطوط متوازية من أشعة ليزر.


صواعق أكثر مستقبلًا

جاء الكشف عن إمكانية التحكم في الصواعق واتجاهاتها في الوقت المناسب، لأن العلماء يتوقعون زيادة عدد الصواعق على المستوى العالمي بسبب الارتفاع المستمر في درجة حرارة الجو. وكانت وكالة الفضاء الاميركية ناسا قدرت حصول بين 10 و30 مليون صاعقة في اليوم على المستوى العالمي، منها مليونا صاعقة في ألمانيا تتركز في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) من كل عام. مع ذلك، أكثر أجواء العالم المشحونة بالصواعق تقع في وسط أفريقيا وكولومبيا، بحسب تقديرات ناسا.

وذكر عالم المناخ ديفيد رومبس، من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أن ارتفاع درجة الحرارة قد يسبب زيادة كبيرة في عدد صواعق البرق في الولايات المتحدة خلال الفترة المتبقية من القرن الواحد والعشرين، في أحدث مثال على أنماط الطقس المتطرف التي نتجت عن التغيّر المناخي. وتوقع رومبس أن تزداد صواعق البرق بنسبة نحو 50 في المئة بحلول 2100 في الولايات المتحدة، لأن العواصف الرعدية ستصبح أشد في العقود القادمة نتيجة ارتفاع حرارة الأرض. علمًا أن الصواعق تقتل عشرات الاميركيين كل عام، ويتوقع أن تزداد هذه المخاطر. وتوقع العلماء زيادة نسبتها 12 في المئة في عدد صواعق البرق مع كل ارتفاع يبلغ درجة مئوية واحدة في متوسط درجات الحرارة العالمية. وتشير الدراسة إلى زيادة أربع درجات مئوية في الفترة من الآن وحتى عام 2100. ومقابل كل صاعقتي برق في العام 2000 في الولايات المتحدة ستكون هناك ثلاث صواعق برق في العام 2100.

الصواعق تقتل ربع من تصيبهم

في احصائية وكالة الفضاء الألمانية، تفضي الصواعق التي تضرب البشر إلى موت واحد من كل أربعة يتعرضون لشحناتها الكربائية الهائلة. إلا أن ضربات الصواعق للبشر تخلف في معظم الحالات أضرارًا دائمة وحروقاً وعاهات. ويرتفع عدد ضحايا الصواعق في ألمانيا إلى 8 في السنة كمعدل مع استثناء سنة 2011 التي شهدث مقتل 14. ففي ليلة 6 حزيران (يونيو) من ذلك العام، التي سميت ليلة الصواعق في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، أعلنت دائرة الأنباء الجوية في الراين أن السماء في تلك الليلة أفرغت شحناتها بشكل برق 15 ألف مرة، وأطلقت 6 صواعق هائلة ومتتابعة بين كل 20 برقًا صغيرًا. وترافق ذلك مع زخات مطر شديد قاست دائرة الأنواء الجوية خلالها 28 لترًا من الماء على المتر المربع. وقتلت صاعقة شابًا وصديقته وهما على متن دراجة نارية قرب مونشنغلادباخ، كما صعقت فتاة صغيرة من كولون (13 سنة) بالقرب من سياج حديقة منزلها. وقاست الوكالة، في إحدى حوادث الوفاة بسبب الصواعق، أن الضحية تلقت صدمة كهربائية بقوة 100 مليون فولت خلال 0,02 ثانية.

نيسان ـ نشر في 2015-06-24 الساعة 14:47

الكلمات الأكثر بحثاً