اتصل بنا
 

تناقضات في خطاب الرئيس

نيسان ـ نشر في 2020-08-14 الساعة 11:26

x
نيسان ـ نيسان خاص.... تممّ رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بخطابه الاسبوع الفائت، والذي تضمن إصدار أمر الدفاع الخامس عشر، انحياز حكومته للفئات الأقوى في المجتمع، طبعا ضد الفئات مهيضة الجناح، على عكس ما ورد في فقرات لاحقة من كلمته المتلفزة، التي بيّن فيها أن حكومته تنحاز للفئات الأضعف.
وفي باب تفنيد طرح الحكومة، فإن مؤسسة الضمان الاجتماعي مؤسسة وطنية تخص القطاعات الاجتماعية الضعيفة، فئويا وطبقيا، لذلك يجب أن تنعم بالاستقلالية التامة، وأن تكون بعيدة كل البعد عن يد الحكومة، التي دأبت على حل مشكلة ماليتها بالتصرف بمدخرات مؤسسة الضمان، على أكثر من نحو وصعيد؛ إن بحل مشاكلها السيولاتية مباشرة، أو من خلال فرض صرفيات على المؤسسة غير ذات جدوى، بل إنها تشكل عملية هدر واسعة النطاق، لهدفٍ بسيط مؤقت، وهو ضخ سيولة مؤقتة في الأسواق الواهنة، وهي بالضرورة لا تغني ولا تسمن، بل تعود بكوارث كبيرة على مدخرات مؤسسة الضمان الاجتماعي.
لقد قالها الرئيس بفمه الملآن، ومن دون أية مواربة سياسية؛ لقد تشاورنا مع شركائنا ( = حلفائنا الطبقيين) في القطاع الخاص، وقررنا كذا وكذا...، وذلك فيما يخص التزاماتهم المالية كشركات تجاه مؤسسة الضمان، وقررت الحكومة، بالنيابة عن المؤسسة، تقديم تخفيضات لهذه القطاعات التي طالما عاشت على دلال حكومي لا تستحقه، وليس من جيوب الوزراء والطبقة السياسية المتنعمة رغدا، بل على حساب المستضعفين، والمجال هنا لا يتسع للحديث عن المنازل والقصور المهداة لكبار المسؤولين ( 5 ملايين وطالع) والمنهوبة من المال العام.
لقد تساهلت الحكومة، وقبلها الحكومات المتتالية على مدى الثلاثين عاما الماضية، بهدر مقدرات كبيرة، تحت حجة دعم القطاع الخاص، وثمة بندان ، على سبيل المثال لا الحصر، لو تمت المراجعة والتنبيش فيهما لاكتشفنا أنهما شكلا المديونية، التي باتت، أو أوشكت، تناهز الخمسين مليار دولار.
القطاعان هما الاتصالات؛ بسوء ادراة تمليك شركات الهواتف المتنقلة والتنازل عن حصة الدولة في التراخيص الممنوحة لتلك الشركات.
والقطاع الثاني هو المناطق التنموية، والتي شكلت شرعنة واسعة ومكشوفة لعمليات التهرب الضريبي ( 15 مليار دينار) حسب تقديرات رسمية.
لا بد من مراجعة مثل هذه الشعارات التي تطلقها الحكومات على عواهنها، كما يقولون، فليس عندنا قطاعات برجوازية حقيقية تستحق الدعم الحكومي، والقطاع الخاص الناجح يستطيع أن يعمل في أحلك الظروف وأشدها قتامة، وليس من داع لتدليله، لأنه وببساطة يعمل من أجل مصالحه ويمتلك القدرة على شق طريقه اذا ترك وشأنه، وليس على الحكومة أن توفر له أكثر من بيئة أعمال طبيعية.
لأن في تدخل الحكومة ضربا لقطاعات أخرى، وتقديما لمصالح هذا القطاع على حساب فئات أخرى، فليس للحكومة من حول أو قوة لتدعم قطاع بحد ذاته من حسابها الخاص، بل إن دعمها يؤخذ من قطاعات أخرى، لذلك، فمن الأسلم، أن يصبح واجبها فقط أن تدعم القطاعات كافة، بخلق التشريعات والقوانين والاتفاقيات الناظمة لبيئة أعمال مناسبة، وليس أكثر من ذلك.
لا بد أن تحظى مؤسسة الضمان الاجتماعي بالاستقلالية الكاملة، استقلالية تجعل مدخرات الناس بمنأى أمان من أيادي الحكومة المتطاولة ظلما وقهرا عليها.

نيسان ـ نشر في 2020-08-14 الساعة 11:26

الكلمات الأكثر بحثاً